المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
في قطيعة مع سبعة عقود من السياسة الأميركية نحو القدس، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في يوم 6 كانون الأول/ ديسمبر الجاري اعتراف إدارته بالقدس عاصمةً لإسرائيل، كما وجّه وزارة الخارجية لـ “بدء التحضيرات لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس”. وكان الكونغرس الأميركي قد تبنى بأغلبية كبيرة من الحزبين “قانون سفارة القدس” عام 1995، ونص على ضرورة نقل السفارة الأميركية إلى القدس في سقفٍ زمني لا يتجاوز 31 أيار/ مايو 1999. إلا أن ذلك القانون تضمن بندًا يسمح للرئيس الأميركي بتوقيع إعفاء مدة ستة أشهر إذا رأى أنه ضروري لـ “حماية المصالح الأمنية القومية الأميركية”. ومنذ إدارة الرئيس بيل كلينتون، والإدارات الأميركية المتعاقبة توُقّع الإعفاء تلقائيًا كل ستة أشهر، على الرغم من أنهم كانوا قد وعدوا بوصفهم مرشحين بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
جاء قرار ترامب الأخير بمنزلة تعبير عن انتصار أنانيته واعتباراته السياسية الداخلية على مقاربة عقلانية وواقعية للسياسة الخارجية. كما أنه يمثل انتصارًا للمعسكر اليميني المتطرف في إدارته الذي تقوم حساباته على أن الفلسطينيين سوف يبتعدون عن طاولة المفاوضات فترةً، ولكنهم لن يلبثوا أن يعودوا إليها ضمن الوقائع الجديدة، كما فعلوا كل مرة، وهو ما يعني أن الرهان سيكون عمليًا على إرادة المقاومة لدى الشعب والقيادة الفلسطينيَين، ومدى قدرتهما على الصمود في وجه الضغوطات الأميركية، والعربية أيضًا، والإصرار على موقفهما بأنّ الولايات المتحدة لم تعد وسيطًا مؤهلًا لرعاية العملية السلمية، والبحث في خيارات أخرى بعد ثبوت فشل خيار المفاوضات. يأتي هذا في ضوء تسريبات عن أنّ ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، مارس ضغوطًا شديدة على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، خلال زيارته الأخيرة للسعودية لقبول المقترح الذي طرحه جاريد كوشنر عن “تأسيس ’كيان فلسطيني‘ في غزة وثلاث مناطق إدارية في الضفة الغربية في المنطقة ’أ‘ والمنطقة ’ب‘ و10 في المئة من المنطقة ’ج‘، التي تضم مستوطنات يهودية”، بحيث تبقى هذه المستوطنات على حالها، ويسقط الفلسطينيون حق العودة وتظل إسرائيل مسؤولة عن الحدود. وبهذا المعنى يكون إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل استكمالًا لجهود القضاء على طموحات الفلسطينيين في إنشاء دولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة التي احتلت عام 1967، تكون عاصمتها القدس الشرقية، وهي في حد ذاتها تسوية تاريخية قبلها الفلسطينيون.
رابط الدراسة كاملة