صالح التيزاوي
تشير كلّ الدّلائل إلى أنّ الدّواعش قد أنهوا المهمّة التي انتدبوا من أجلها في سوريا والعراق. حيث تكفّلوا في العراق بإشعال نار طائفيّة هيّأ لها الإحتلال الأمريكي حطبها من السّنّة ومن القوميين الأحرار. دخل الدّواعش العراق رافعين شعارا مخادعا “نصرة السّنّة” وفي واقع الأمر اتّخذوهم رهائن للدّفع بالصّراع الطّائفي نحو نقطة اللاّعودة. وبعد أن أكملوا مهمّتهم القذرة، ها هم يخرجون من العراق بعد أن سلّموه لمليشيات الموت الشّعيّة واسقطوه بالكامل تحت احتلال فارسي غاشم.
أمّا في سوريا فإنّ نظام القتل والإجرام استخدمهم لتشويه الثّورة السّوريّة وتحويلها من ثورة شعبيّة سلميّة، تطالب بالحرّيّة وبالحقّ في المواطنة إلى حرب أهليّة اتّخذها نظام الأسد ذريعة لدخول الغزاة. لم يكن الدّواعش في حرب مع النّظام، بل كانوا يتلقّون منه الدّعم لإنهاك المعارضة وإضعافها وكشفها أمام قواته. وكان الدّواعش كلّما أكملوا ” مهمّتهم” في مدينة، خرجوا منها إلى غيرها رغم الحصار الخانق الذي تفرضه القوات الرّوسيّة والفارسيّة على سماء سوريا وبرّها وبحرها بكل أنواع الأسلحة وبأكثر عساكر الأرض ومرتزقتها توحّشا. فكيف أمكن للدّواعش أن يخرجوا من مدينة ويدخلوا أخرى في أسطول من السّيّارات رباعيّة الدفع محمّلة بأسلحة ثقيلة تحت سماء مثقلة بالأقمار الصّناعيّة ترصد حتّى دبيب النّمل ؟ بل يتكفّل “الكبار: الأمريكان
والرّوس بتوفير ممرّات آمنة. فيما دمّرت مدن بالكامل على رؤوس أهلها وتحولت إلى مقابر جماعيّة ومدن أشباح تحت أنظار طرطور الشّام.
ألا يعني هذا أنّهم كانوا على صلة بكلّ الأطراف الذين التقت مصالحهم على أرض الشّامّ في حرب قذرة:
الفرس يريدون مزيدا من العواصم العربيّة تحت سيطرتهم تحقيقا لحلم فارسي قديم “إيران الكبرى” أمّا روسيا فتبحث لنفسها عن موطئ قدم في المنطقة. وامّا النّظام السّوري فكان يريد إقناع العالم بأنّه يواجه إرهابا وليس ثورة شعبيّة مواطنيّة. تماما كما يفعل الظّلمة.
الآن وقد أكمل الدّواعش مهمّتهم في القطرين العربيين إلى أين ستكون وجهتهم ؟ وأيّ من الدّول العربيّة ستفتّح أبوابها أمام إجرام الدّواعش؟ لا شكّ أنّ دولة ما على لائحة الإنتظار. الثّابت في كلّ الأحوال إنّهم لن يجدوا حضنا أكثر دفئا من حضن الأنظمة الإستبداديّة فاقدة الشّرعيّة، فهي في حاجة إلى جرائمهم البشعة لإلغاء مطالب الحرّيّة والمواطنة.