صالح التيزاوي
مجزرة جامع الرّوضة بسيناء التي أودت بحياة المئات، أيّا كان فاعلها، فهي تدلّل على توحّش البشر. وسواء اقترفها النّظام أم لم يقترفها فهو مدان في كلّ الأحوال.
إن لم يقترفها فهو مدان لأنّه قصّر في حماية شعبه. وإن اقترفها فهذا يعني أنّ النظام الإنقلابي يخطّط لجريمة أفظع، هكذا يخبرنا تاريخ النّظم الإستبداديّة التي اتخذت القتل منهجا لتثبيت حكمها مهما سالت الدّماء.. إمّا إجبار النّخب والنّاشطين المنزعجين ممّا آل إليه وضع الحرّيات في مصر، على “ابتلاع” ألسنتهم وعدم التّشويش على “المعركة” مع الإرهاب فـ “لا صوت يعلو على صوت المعركة”. وإمّا أنّ
النّظام يخطّط لإخلاء المنطقة من سكّانها، تمهيدا لصفقة القرن، تصفية القضيّة الفلسطينيّة بالكامل وذلك بتوطين الغزّاويين واللّاجئين وربّما جزء من عرب 48 في “الأرض الجديدة” لعلّها “أرض الميعاد”.
ما يلفت الإنتباه في الجريمة الأخيرة أنّ النّظام الإنقلابي خرج على الفور ليقول دون تأنّ أنّه سينتقم للضّحايا، وأنّه سيردّ بكلّ قوّة، وهي مفردات تحيل على معجم الإستبداد والتّوحّش. وبالفعل انطلقت حملة أمنيّة وعسكريّة تقصف الإرهابيين في “مخابئهم”. إذا كان النّظام الإنقلابي يعرف مخابئ الإرهابيين، لماذا لم يبادر إلى اعتقالهم أو قصفهم حماية لشعبه. وهذا يعني
أحد أمرين:
• إمّا أنّه يعرف مخابئهم حقيقة وقصفهم بعد أن أكملوا مهمّتهم الإرهابيّة، ليتخلّص منهم ويوهم العالم بنجاعته في مقاومة الإرهاب، من باب الإبتزاز.
• وإمّا أنّه قصف بصفة عشوائيّة إمعانا في ترهيب الشّعب المصري، وإجباره على قبول ما يدبّر له سرّا.
وفي كلّ من الحالتين فإنّ الشّعب المصري مقتول لا محالة. إمّا بإرهاب الجماعات المتطرّفة أيّا كان اسمها وإمّا بإرهاب النّظام، الذي لم يعد يحول بينه وبين حكم مصر إلّا قضاء اللّه وقدره، هكذا يقول العارفون بطبائع النّظم الإستبداديّة.