عميل الغرب، هل يلقى نصرا أم ذلة ؟
الحبيب حمام
تذكرة صباحيه:
كثر المتمسّحون على أعتاب الغرب القوي، أو الدب الروسي، أو السرداب الفارسي، ماذا جنوا؟ هناك من يستنصر بفرنسا ضد “الإخوانجية” هل سيجني نصرا؟ رؤساء وملوك استنصروا بالغرب، فحفظ الغرب لهم ملكهم، فما الثمن؟ السيسي وبشار وملوك الخليج المستنصرون بالأقوياء، والنخب التي تسير في ركابهم وتزين لهم أعمالهم، هل سيجنون نصرا وعزة أم خسرانا وذلة؟ لنقرأ التاريخ، اخترت لكم قصة ملك عاش في عهد عمر.
كان جبلة بن الأيهم ملكا في قومه الغساسنة. دخل الإسلام، وحدث أن ذهب معتمرا في عهد الفاروق. ذهب في 500 من حرسه وندبائه زاهين متفاخرين.
ذكر ابن كثير قصته في البداية والنهاية. كان جبلة بن الأيهم من ملوك النصارى في جزيرة العرب، جاء وأسلم ويقال: إنه كان يطوف بالكعبة على عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فجاء رجل من فقراء المسلمين فوطئ غير متعمد على إزار أو رداء جبلة بن الأيهم، بما أنه يرى نفسه ملكاً من الملوك، فكيف يطأ هذا الفقير الصعلوك على إزاره؟ فلطمه لطمة ذهبت بعينه أو بأنفه، فرفع الأمر إلى عمر، فقال عمر: لا بد من القصاص، يلطم وجهك على الملإ، قال: كيف يقتص مني هذا الصعلوك؟ قال عمر: الإسلام ساوى بينكما، قال جبلة : آتيك في الصباح. فيقال: إنه في الليل جمع أصحابه وكان أتى في حاشية وسرى بهم في الليل وهرب، وارتد عن دينه، وذهب إلى ملك الروم، فاستقر عنده. أكرمه ملك الروم، وأغدق عليه وأعطاه الأعطيات دون طائل.
بعد فترة من الإقامة في العز الظاهر وفي المال الوافر وفي البذخ الفاحش، تفطن أنه ذليل، رقبته بيد غيره. سمع بموت عمر، فضاقت نفسه، واعترف بخطئه وفساد خياره، وعبّر عن حالته بهذه الأبيات:
تنصرت الأشراف من عار لطمة وما كان فيها لو صبرت لها ضرر
تكنفني فيها اللجاج ونخوة وبعت بها العين الصحيحة بالعور
فيا ليت أمي لم تلدني وليتني رجعت إلى القول الذي قاله عمر
ويا ليتني أرعى المخاض بقفرة وكنت أسيراً في ربيعة أو مضر
ويا ليت لي بـالشام أدنى معيشة أجالس قومي ذاهب السمع والبصر
أدين بما دانوا به من شريعة وقد يصبر العود الكبير على الدبر
أصبح يتمنى أن يكون عاش أسيرا بين قومه في ربيعة أو مضر. أصبح الملك الغساني يتمنى لو عاش راعيا بأرض عربية قافلة. هكذا كان حال من انتصر بروم الأمس، وهكذا يكون حال من يستنصر بروم اليوم. كانت هذه تذكرة صباحية وأسعد الله يومكم.