السيد رئيس الحكومة المستهلك يسمعك بـ”جيبه” المثقوب وليس بعقله
عندما يفتخر رئيس الحكومة باهتراء المقدرة الشرائية، ويعلّق خيبة السياسات على أزمة الإتصال !!!
شدَّني في ردّ رئيس الحكومة على أسئلة النواب خلال النقاش العام لميزانية 2018 إعترافه في مناسبتين بـ”التقصير في الاتصال” ممّا جعل الشعب والأجانب ومن قبلهم النوّاب لا ينتبهون إلى الإنجازات والحوافز والاصلاحات (مجلتا الاستثمار والجباية وسياسات الحكومة ذات الصلة بالتنمية ومكافحة الارهاب والاصلاحات الكبرى…).
لن نُفصّل القول في الاتصال ومعضلته الآن، وسنكتفي بمسألة واحدة تؤكد أنّ الإشكال الجوهري هو في السياسات، أمّا أزمة الإتصال فهي انعكاس ونتيجة وليست سبباً.
رئيس الحكومة “افتخر” بتمرير سياسة ترشيد الدعم للسكر بـ”طريقةٍ سلسة” (والعبارات له)، هذه الطريقة التي بمقتضاها يتم طرح سكر مدعوم وآخر بسعر التكلفة. وهنا لن ألج أبواب التحليل بل أكتفي بتحدّي رئيس الحكومة ووزير التجارة وغيرهما من المعنيين بالتوجه إلى محلاّت البيع بالتفصيل لشراء السُكّر المدعوم… فسيقفون على ندرة المعروض وشحّ الكميات والمضاربة، ممّا يجعل المواطن ذي الدخل المحدود يدفع فاتورة “الإصلاح بطريقةٍ سلسة” كما سمّاها رئيس الحكومة.
رئيس الحكومة المفتخر بالإصلاحات السلسة، هل يعلم أنّ:
• سعر المائة غرام زبدة ارتفع في أقل من سنة من 900 مليم إلى 1150 أي بـ 18 في المائة تقريبا.
• سعر الزيت النباتي مرّ في حوالي سنتين من معدل 2500 مليم للتر إلى 4000 مليم.
• الدجاج من حوالي خمسة دنانير إلى أكثر من ستّة دنانير للكيلو.
(وذلك في الوقت الذي اتفق فيه مع كبار الموزعين التخفيض في الأسعار فكانت النتيجة عكسية).
وأنا على استعداد لإهداء كل من يهمه الأمر قائمة تفصيلية في الزيادات في الأسعار بنِسَب تتراوح بين العشرة والثلاثين في المائة (مختلف المواد وليس الغذائية فقط).
السيد رئيس الحكومة جذور أزمة الإتصال تكمن في السياسات المعتمدة وفِي طبيعة الخطاب الذي يتمّ ترويجه وليس العكس.
المواطن المستهلك يسمعك بـ”جيبه” المثقوب وليس بعقله… ومن يُفكّر من خلال مقدرته الشرائية فلن يرى فيك إلاّ شخصا يفتخر بتقلّص المعروض من السكر المدعوم في السوق وبالترفيع في الأسعار… وذلك أحد وجوه أزمة الخيارات السياسية، أمّا أزمة الاتصال فهي النتيجة وليست الأصل.