أبو يعرب المرزوقي
أكاد أزعم أن المراهق الذي يستعد لتولي الحكم في السعودية يؤدي دورا ثوريا يوحد به كل الانظمة العربية في شكل واحد هو حكم العسكر: فالجرأة على الأمراء يلغي كل منزلة لهم في ذهن الشعب السعودي ومن ثم فلن يتأخر الانقلاب العسكري عليه ولن يجد ممن يحمونه الآن حماية فسيختارون بيدقا سيسيا.
وهو ثوري ليس بالمعنى الموجب لكنه مع ذلك ورغم سلبيته فهو غاية ما يمكن أن تحققه الثورة المضادة التي مرت بمرحلتين فوقية وتحتية: فالنظام السعودي حارب الثورات العربية العسكرية باسم الإسلام ضد القومية. وقد انحاز إلى الغرب مقابل انحيازهم إلى السوفيات.
وكانت غاية هذه المرحلة سقوط السوفيات ومعها الانظمة القومية التي تحولت هي بدورها الى التبعية الامريكية وحتى من ادعى المقاومة فهو تابع إلى من استعماره ادهى من الاستعمار الأمريكي لأنه تخريب نسقي باسم طائفية هدفها ابعد غورا من هدف إسرائيل وأمريكا.
وفي هذه الحرب الاهلية العربية الأولى إسلام قومية كانت المعركة بين أنظمة عسكرية وأنظمة قبلية. وما يجري اليوم سينهي الانظمة القبلية أولا ثم تصبح الحرب الأهلية العربية في الثورة الحالية بين الانظمة التي ستكون كلها عسكرية والشعوب التي تحرر وعيها وستتحد هي بدورها ضد الثورة المضادة.
ذلك أن ما يحدث في الرابوع الذي يحاصر قطر ويجري صفقة مع إسرائيل لن يصمد أمام “تطييح القدر” أي سقوط مهابة الأنظمة الملكية الوراثية وستكون الموجة الوسطى تحولها كلها علنا -لأنها الآن كذلك وليس علنا إلى دكتاتوريات عسكرية تابعة لأمريكا مثل دكتاتوريات امريكا الجنوبية سابقا.
وهي دونها لأنها تابعة بتوسط إسرائيل. وعندما تفقد مهابة الملكيات والإمارات والمشيخات أي عندما يصبح العامل المؤثر هو الشباب في الاجهزة الأمنية والعسكرية الشباب الذين لم يعد للعامل القبلي الدور الأول في رؤاهم للعالم ستتحول هذه الانظمة إلى السيسوية أي التبعية المباشرة لإسرائيل.
ولن ينفع السعودية والإمارات الاحتماء الحالي بإسرائيل: لأن من سيقلبون نظاميهما سيكون بحجة محاربة هذه التبعية في الخطاب الرسمي وهم في الحقيقة سيكونون أكثر تبعية من الحكام الحاليين بعد أن تكون إسرائيل وأمريكا قد افقدتهما كل شرعية مزعومة بما ستفرضه عليهم من تنازلات مهينة.
هم يخربون بيوتهم بأنفسهم. وكل محاولات التغلب على المرحلة الثانية من ثورة الشعوب هذه المرة وليس كذبة الثورات العسكرية في كل بلاد العرب يكون الإقليم قد دخل حربا أهلية كلية بين الأنظمة العميلة من الماء الى الماء والشعوب المضطهدة كذلك من الماء إلى الماء.
ويصح أن نسمي ما يفعله غر السعودية ثورة سلبية أي إنها تمهد الطريق لإزالة كل دعاوى الحكم باسم الإسلام في الانظمة القبلية ولن يبقى إلا الحكم باسم المافياوية والتبعية المطلقة لإسرائيل والنموذج بدأ مع السيسي في مصر أو التبعية لإيران والنموذج بدأ مع سفاح سوريا ودجال لبنان.
المشكل الوحيد هو أن ثورة الشباب التي بدأت منذ سبع سنوات تم ايقاف مدها بسبب ما حدث في مصر وسوريا وليبيا واليمن وحتى في تونس. فلا يوجد أي حزب ثوري حقيقي في أي من هذه البلاد. فاليسار والقوميون عملاء والإسلاميون ليسوا مؤهلين لهذا الدور بسبب اختراقهم وطمع قياداتهم في حكم تابع.