حين رأى خوفي واضطرابي
عبد اللطيف علوي
حين رأى خوفي واضطرابي، أحسّ أنّها الفرصة المناسبة لاقتناص فريسته، قال لي بزهو ماكر:
• بإمكاننا إذا شئت أن نعقد اتّفاقا قد تربح منه الكثير، ولن تخسر في المقابل حرّيّتك ولا عائلتك…
نظرت إليه متسائلا فاستطرد:
• تكتب لنا التزاما بأنّك ستتعاون معنا وتنقل إلينا أخبار “الإخوانجيّة” في أيّ مكان تذهب إليه، وتترك لنا عنوان المنزل الّذي ستقيم فيه، وإذا اضطررت إلى تغييره تخبرنا كذلك على الفور، وتلتزم بأن لا تغيّر رقم هاتفك المسجّل لدينا، وأن لا تغلقه أبدا، في اللّيل ولا في النّهار، كي نتّصل بك متى احتجنا إلى ذلك… هل اتّفقنا؟
لم يدر يوما بخلدي أنّ حياة الإنسان في بلده يمكن أن تصبح بذلك الهوان… كلّ خطوة يخطوها مشروطة بمقابل، يساومونك حتّى على طعامك أو شرابك أو لباسك… تساءلت إن كان يحدث مثل ذلك في فلسطين، أو في أيّ بلد محتلّ… هل يمنع الإنسان من التّنقّل داخل بلده ومن العلاج ومن لقمة العيش؟ … كيف أصبحت حياتي بلا قيمة، إلى درجة أنّ شرطيّا واحدا صار قادرا على أن يحدّد لي متى أنام ومتى أستيقظ ومتى أتنفّس ومتى أحبس أنفاسي ومتى أحيا ومتى أموت؟… يربطني بحبل ويقودني كالدّابّة إلى المرعى أو إلى الزّريبة أو إلى المذبح، والأمرّ من ذلك كلّه أنّه بعد كلّ ذلك يريدني أن أصبح قوّادا، مثل “مبروك الأجنف” والحقير ” أحمد بوريڨة”… تمنّيت في أعماقي أن أبصق عليه في تلك اللّحظة وليكن بعدها ما يكون!… فليعدموني أو يطعموا لحمي للكلاب، مقابل بصقة واحدة بملء الفم على وجهه القبيح وصلعته الكريهة! أحيانا تستحقّ الحياة بما فيها أن تقايضها بلحظة واحدة مجنونة، كتلك الّتي لا يعرف قيمتها إلاّ من عاشها وأحسّها مثلي بمنتهى القهر… لكنّني لم أعد وحيدا…
#الثقب_الأسود
#أسوار_الجنة
#سيرة_الثورة
#عبد_اللطيف_علوي