محمد بن نصر
عندما علمت باعتقال رئيس الوزراء اللبناني في السعودية، تعجبت من الأمر حقيقة، العميل أو إن شئتم الحليف لا يُعتقل فهو إما يكون مُبجّلا أو تُنهى خدماته ويُنهى بإنهائها بشكل أو بآخر. الاعتقال إذا كان أمرا مُحيرا في الحقيقة خاصة وأن السيد نصر الله في خطابه بالمناسبة ندّد بالسعودية ولم يقل شيئا عن الحريري وهو يعلم أنّه يد السعودية الطولى في لبنان وإن كانت أقل طولا من يد حزب الله.
ماذا حدث إذا؟ بداية القصة كانت مع طلب ولي العهد السعودي من الأمراء والأثرياء السعوديين بالتبرع بنصف ثرواتهم باعتبار أن المملكة تعتبر نفسها في حرب مفتوحة مع إيران. تلكأ كل هؤلاء في الاستجابة فازداد الضغط عليهم، فقرروا التخلص من محمد بن سلمان ولكن بعد الحصول على ضمانة إيرانية تقضي بالتخفيف من حدة التوتر والدخول في مفاوضات لحل المشكلات العالقة. وبما أن التفاوض معها بشكل مباشر غير ممكن نظرا للرقابة الشديدة عليهم، قرروا تكليف الحريري بهذه المهمّة، خاصة وأنّه يعاني ضغطا شديدا من ولي العهد السعودي من أجل فك الارتباط بحزب الله. بدأ الحريري فعلا مفاوضاته مع إيران وليس مُستبعدا أن يكون حزب الله طرفا فيها، ولكن المخابرات أفسدت الأمر وقررت إبلاغ ولي العهد بذلك وكلف ترامب صهره كاشنر بهذه المهمّة.
تحركت السلطات السعودية بسرعة واستدعت سعد الحريري الذي حضر على الفور وهو دائما تحت الطلب ولم بر في استدعائه ما يدعو للغرابة. عند وصوله نم تجريده من كل وسائل الاتصال ولم يكن بوسعه أمام الأدلة القاطعة إلا الانهيار والاعتراف بما نسب إليه. التمس الحريري بعد ذلك العفو الملكي ويبدو أنّه حصل عليه وذلك ما يفسر استعادة توازنه في الأيام الأخيرة ولكن يبدو أيضا أن الملك السعودي اشترط على الحريري إخبار السلطات الإماراتية بتفاصيل الخطة والاعتراف بتورطه فيها.
ستشهد الأيام القادمة توترا كبيرا في العلاقات الإيرانية السعودية ودورا أكبر للإمارات في إدارة أزمة الحكم في السعودية.