مستقبل السّعوديّة
سامي براهم
بعض الذين كانوا يرون في السعوديّة شرّا محضا أصبحوا فجأة ودون مقدّمات يعلّقون أملا على ما يحدث من تصفيات بين فروع العائلة المالكة ويبشّرون بالإصلاحات القادمة تحت راية الملك الشابّ…
في سياق هذه الانتظارات السخيّة و”الأطماع” المستجدّة لا نرى مستقبلا مستقرّا مشرقا للمملكة العربيّة السّعوديّة دون نظام حكم تعاقدي قائم على ملكيّة دستوريّة تحدّ من السلطات المطلقة للملك وحاشيته، وتحوّل الجهاز الحاكم القائم على الغلبة والشّوكة إلى دولة قانون ومؤسسات، وتنظّم الحياة السياسيّة في البلد في إطار ديمقراطي حقيقي يسمح للمواطنين بالتعبير عن آرائهم وخياراتهم في الشّأن العامّ واختيار نوّابهم في المؤسسات التمثيليّة كالبرلمان والبلديات.
الملكيات الدّستوريّة المقيّدة ليست مناقضة في العموم لقيم الإسلام، ولا تهدّد الاستقرار بل تضمن تبادل المنافع والخيرات وتقاسم الاعباء بشكل مجزئ ومتوازن ومتكافئ يستفيد منه الجميع.
يمكن ان تتحوّل السعوديّة بفضل إصلاح بهذا السّقف النوعي في منظومة الحكم إلى تجربة متقدّمة في تاريخ المنطقة، وهذا لا يتناقض مع مستوى وعي السعوديين على عكس ما ترسّخ من صورة نمطيّة في اذهان الكثيرين.
كما لا نرى مستقبلا للسّعوديّة كقوّة سياسيّة واقتصاديّة مفترضة في المنطقة في ظلّ ارتهان قرارها للخارج وفي ظلّ ما يشاع عن نزوعها إلى التّطبيع مع الكيان الصّهيوني مهما كانت المقايضات والمساومات والإكراهات.
في السّعوديّة كلّ المقومات الموضوعيّة لنهضة اقتصاديّة وإنسانيّة لو توفّرت الإرادة السياسيّة الحقيقيّة لتحديث منظومة الحكم وتطوير الحياة السياسيّة والشّأن الديني والثقافي والاجتماعي.
الدّول التي تقدّم نموذجا لانتعاش اقتصادي وبنية تحتيّة متطوّرة دون منظومة حكم ضامن للحريّة والحقوق وكرامة الإنسان والشفافيّة والحوكمة، هذه الدّول تقدّم نموذجا سيّئا للحكم لا يضمن الاستقرار الحقيقي الدّائم والتّضامن الوطنيّ بل تبقى في مهبّ الهزّات مرتهنة لسياسة القبضة الأمنيّة لفرض استقرار زائف منذر بالانفجار ولو بعد حين.