عندما يطلب الحامي الحماية !!
زهير إسماعيل
في فترة حكم الرئيس الباكستاني برويز مشرّف، جرت محادثات بين باكستان والهند حول إقليم كشمير المتنازع عليه. وكانت هذه المحادثات وقد صار للباكساتن قنبلتها النوويّة. وسمتها الصحافة “القنبلة الإسلاميّة”.
وكشمير عند الباكستنيين كفلسطين عند العرب. ورأت المعارضة في تصريحات برويز مشرّف عقب المحادثات مع الهند تنازلات كبيرة عن الحق الباكستاني. فتشكّل وفد من المعارضة لمقابلة الرئيس، وكانت الجلسة عاصفة، وعبّرت المعارضة عن استيائها الشديد من هذه التنازلات المذلّة. فكان ردّ الرئيس: اضطررنا إلى ذلك حماية للقنبلة الإسلاميّة.. فكان ردّ أحد قادة المعارضة قويّا ومفاجئا: يا سيادة الرئيس صنعنا القنبلة الإسلاميّة لتحمينا أم لنحميها؟؟
الردّ كان مفحما، رغم أنّ الرئيس والمعارضة يشتركان في عدوّ واحد هو: الجارة الهند.
فما الذي يخشاه الأمني بيننا؟ هل هو الإرهاب؟
من يتوّقف عند القانون من حيث المبدأ ومن حيث الصياغة يخرج بما يلي:
• في طلب الحماية من الإرهاب انكسار غير لائق أمام إرهاب جبان ومهزوم، والأصل هو الاستعداد لمواجهته وهو أوهى من بيت العنكبوت وقد تمّ كسره وإذلاله في جبال تونين وسهول بنقردان، بمشاركة الشعب وبشجاعة أسطوريّة.
• يوجد في القانون ما يمس الناس، ولو على سبيل التأويل، فكيف يطلب الأمني الشريف حماية من أهله وناسه، ومن الذين وقفوا إلى جانبه ومثّلوا دروعا بشريّة حقيقية وجمهورا مشاركا ومشجّعا؟؟؟… لا تلعبوا بالنار!!!
• يوجد إرهابيون، ولكنّ لا حاضنة لهم، ويقوم إجماع على إنهاء كلّ أسباب وجودهم وشروط ظهورهم. وتكون مواجهتهم برابطة متينة بين الناس والمؤسسة الأمنيّة والعسكريّة وبتجذير ثقافة الأمن الجمهوري وحقوق الإنسان والمواطنة العزيزة. وليس بقوانين في ظاهرها تحمي الأمني ولكنّها تعزله عن حاضنته الحقيقيّة، وتثير الشك بينه وبين المواطن. وقد تؤسس للاستبداد والدولة الأمنيّة. فتصبح البلاد أمام خطرين : الإرهاب والاستبداد، وأمام القوى الوطنيّة مهمتان: مواجهة الاستبداد ومحاربة الإرهاب. فضلا عن كون الاستبداد حاضنة للإرهاب.
• أخلاقيّا، لا يطلب الأمني الحماية. للأمني حقوق يطلبها، ويحرص عليها الشعب من خلال مؤسساته الممثلة، وأحزابه، فيعمل الجميع على توفير التدريب الجيّد والدخل المُزجي والحياة الكريمة، والتكفّل بالأبناء والأسرة في الحالات الاستثنائية…الخ. هذه هي عناصر القوّة.
إذا طلب الحامي الحماية كفّ عن أن يكون حاميا… ولم يعد أهلا للثقة.
هل يمثّل “القانون” فعلا مطلب الأمنيين والمؤسسة الأمنيّة؟؟ لا أكاد أوقن…