إمحمد ضيف الله
سنة 1988 زار بنعلي السعودية ليدشن مقر السفارة التونسية الجديد في الرياض وقد تم الشروع في بنائه قبل وصوله لسدة الحكم بسنوات قليلة وبإعانة من السلط السعودية آنذاك حيث قامت بتوفير الأرض التي شيدت عليها تونس السفارة ومسكن السفير.
حينها كان السفير التونسي هناك بصدد قضاء عامه العاشر أو أكثر ما بوأه ليكون عميد السلك الدبلوماسي في المملكة وهو منصب شرفي برتوكولي ومعنوي يسند لأقدم رؤساء البعثات عادة وكان قاسم بوسنينة الجنوبي الأصل قد عينه بورقيبة في السعودية فاستطاع أن يحوز على احترام ومودة السعوديين على مستوى العائلة المالكة وأسس لعلاقات شخصية حميمة مع الراحل عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد وقتذاك استغلها فيما بعد لاستجلاب اليد العاملة التونسية من أسلاك وظيفية مختلفة وجلب الاستثمار السعودي إلى تونس بل يروى انه كان على اطلاع بكل خفايا ما يجري داخل الأسرة الحاكمة وموضع استشارتهم وعند التدشين استطاع أن يقنع الملك فهد بالحضور إلى جانب الرئيس التونسي الذي ابدي إعجابه أي فهد واحترامه للسفير بشكل صريح أثناء الخلوة.
فما كان من بنعلي يومها وفور عودته إلى تونس إلا إعفاء قاسم بوسنينة من منصبه وتسلمت إحدى الدول الأخرى عمادة السلك الدبلوماسي وهو ما أثار غضب السعوديين الذين أبدو امتعاضهم من جل السفراء التونسيين الذي تم تعيينهم فيما بعد ورفضوا التعامل معهم ولم ينالوا الحظوة التي كانت لدى بوسنينة.
على هذا النهج مازلنا بعد 2011 نسير كما يبدو فعمر منصور والي تونس المقال الذي يعمل حتى خلال العطل والأعياد والذي استطاع أن يعيد للعاصمة الهدوء بعد الفوضى وتنظيف شوارعها من الانتصاب العشوائي تمت إقالته بليل ولم يستلم منصبا أخر.
نحن دولة نقيل الناجح ونبخسه وهي عادة متوارثة وليست بدعة جديدة للأسف الشديد ومتى غيرنا هذه العادة فان شيئا جميلا حدث في السياسة والشأن العام وهو ما استبعده شخصيا خلال العقود القادمة.