من أوراق مدرس من الزمن التونسي السعيد
الطيب الجوادي
– سيدي، سيدي، عندي ملاحظة
• تفضل، ولكن حاول أن تعتمد الفصحى، أجاب المدرس الطيب تلميذ السابعة أساسيا في بداية حصة شرح النص.
– سيدي، لم ندرس نص “أخذت غيباته تطول” وتجاوزناه إلى النص الموالي!
شكر مدرّس اللغة العربية تلميذه النبيه وطلب منه الجلوس، ولكنه احتار كيف يجيبه! هل يقول له إنه اختار أن يجنب رؤوسكم الصغيرة هموما ومشاغل لا تناسب سنّكم ولا مستواكم الدراسي، فالنص يطرح قضية كفيلة بلخبطة وعيكم وارباك نظرتكم الطفلة للحياة، انه يروي لأطفال في عمر الزهور قصة أم مات عنها زوجها وهي في مقتبل العمر فوقفت حياتها على ذلك الابن وامتنعت عن الزواج وأشاحت بوجهها عن الدنيا برمتها لينجح ولدها ويصبح رجلا فإذا به يتركها ليعمل في مدينة بعيدة، فتكون خيبتها الأولى خاصة لما لم يف بوعده لها بزيارتها كل أسبوع، ثم تزوج وأخذها معه ولكنها لم تحتمل حياتها مع كنتها واتهمت ابنها بأنه انحاز إلى زوجته فتتركه وتعود إلى بيتها منكسرة حزينة تبكي خيبتها في ابنها وضياع عمرها سدى.
سأل المدرس الطيب تلميذه النبيه:
• هل قرأت النص في المنزل؟
أجاب التلميذ واثقا:
– نعم قرأته عدة مرات سيدي
سأله المدرس:
• وبماذا خرجت منه؟
– الإبن لم يرحم أمه التي ضحت من أجله، فانحاز لزوجته ليكون بذلك مثالا سيئا لما يجب أن يكون عليه الإبن الصالح.
لم يحر المدارس الطيب جوابا، بين لتلميذه النبيه أنه من المحتمل العودة لهذا النص ضمن حصة المطالعة، حين يتم التعرض لرواية قميص الصوف، اقترب من النافذة وسرح ببصره بعيدا “لو كنتٓ مكان الابن وعشت ما عاشه ربما كنت تغير رأيك، هناك اكراهات وظروف تجعل الواحد منا يتمنى أنه لم يكن. همس المدرس وهو يطلب من تلاميذه الا يغفلوا عن تسجيل تاريخ اليوم على كراساتهم، لقد تعود أن ينتقي لتلاميذه ما يناسب سنهم ووعيهم الطفل بعيدا عن اختيارات المدججين بالنظريات البيداغوجية، البعيدين كل البعد عما يلائم التلميذ حقّا وهو سعيد أنه لم يشغل رؤسهم الصغيرة بالقضايا التي يطرحها هذا النص.