“الهجينة” في طريق مفتوح ؟ (ج 1)
الحبيب بوعجيلة
بامضاء رئيس الجمهورية على قانون العفو يطوي مسار “الانتقال” في تونس خطوة أخرى وفق أجندة “القديمة” لا من حيث هي شخوص و”رئيس مخلوع” و”حزب سابق” بل من حيث هي “قوى” و”أجهزة” و”مؤسسات دولة-نظام” طرحت شعارات 17-14 وخيار “التأسيس” ثم انتخابات 2011 مسار “القطع معها”.
امضاء اليوم هو تثبيت مخرجات انتخابات 2014
“الهجينة” اسم نقترحه لمنظومة 2014 التي انطلق الاعداد لها بوضعية الاحتراب بين القوى السياسية التونسية والدولية منذ 2012. هجينة لانها لا هي “عودة” أو “ترميم” للقديمة كما بلورها خطاب 13 جانفي 2011 ولا هي زعمُ “التأسيس والقطيعة” الذي نتجت عنه وطرحته منظومة 23 اكتوبر 2011 ودستور 2014.
هجانتها لا تمنع قوتها اذ بالاضافة الى كونها نتاج الصندوق فهي سليلة تسوية دولية بين أكبر طرفين:
أ) قوى “النظام الدولة” المتحولة والمتقدمة باطار سياسي جديد أي جبهة الانقاذ ثم الاتحاد من اجل تونس وأخيرا نداء تونس.
نعتبر كل القوى المجتمعة في اعتصام الرحيل قوى نظام _دولة بجميع أطيافها يمينا ويسارا باعتبار انها اعتصمت على سردية تصفية “الثورةالتأسيس” باسم “الدولة” و”المدنية” في مواجهة “الاسلامية”. وبجمهور وتمويل النظام الدولة وأجهزة واعلام “القديمة” (العجز الحالي للمعارضة اليسارية على التعبئة دليل ذلك بشكل ارتجاعي).
سميتُ قوى الرحيل أيضا قوى نظام دولة باعتبارها كانت مشاركة قبل الثورة في حكم البلاد فعليا (التجمعيون والدساترة) أو ثقافيا وجمعياتيا (يسار فرنسا واليمين النقابي) وبقطع النظر عن بعض يساريي أو مستقلي جبهة اعتصام (غير محددين سياسيا).
ب) حركة النهضة أبرز ممثل للقوى “الجديدة” (الجدة بمعنى المعارضة وتمثيل الاطراف المقصية من الحكم في النظامالدولة منذ الاستقلال) وقيام التسوية معها أساسا دليل على أنها هي القوة الوحيدة التي “ينسب اليها” الرعاة الدوليون “للثورات” تمثيل الجديد. وهو تقدير صحيح ودليله ارتجاعيا عجز “الثوريين” حاليا عن التعبئة بدونها (القوى الديمقراطية الاجتماعية والمرزوقي وعموم القوى المستقلة).
مصادر قوة منظومة 2014 بالاضافة الى الرعاية الدولية تتأتى حاليا من :
1. التضرر السابق لمقولة “الثورة” بفشل منظومة اكتوبر 2011 ذاتيا وموضوعيا حيث ان “انتساب الثورة” الى هذه المنظومة في اذهان اغلب التونسيين من المثقفين والطامحين فعلا للتجديد جعلهم يتوجسون من مواصلة او معاودة التغيير “بالترويكا” مرة اخرى لاسباب تتعلق بغموض وطنية مشروعها (القطرنة والتتريك) ومدى حداثيته (ممارسات المحمولين على الشرعية اثناء حكمها كانت بغلبة “الاسلامية ذات المزاج السلفي” والمساند للارهاب ضمنيا في سوريا باسم الثورة وبعجز العلمانيين المرزوقي وبن جعفر والخط المستنير في النهضة أو رفضهم فرض مزاجهم لغياب مشروع ثوري تحرري وطني تقدمي ديكولونيالي).
2. انخراط النهضة اكبر القوى “الجديدة” في القبول نهائيا بدعم منظومة 2014 بأجندة القديمة وتمكن القديمة بنفسها من كل وسائل فرض أجندتها على الشريك الداعم (الاعلام .. المال.. الاجهزة).
3. رضى القوى الدولية الداعمة بهذا الوفاق اساسا واستعمال معارضيه وظيفيا فقط لابتزازه للتنازل اكثر (التحاق مرزوق وآفاق بالتوافق).
4. قلة جاذبية المعارضة بين يسار مخيف ثقافيا لعموم التونسيين الباحثين عن الخيار الثالث بين السلفوية و الانبتات وقلة حظوظ الديمقراطيين الاجتماعيين أو المرزوقي في الاستحقاقات القادمة لغياب المشروع المعبئ. (يتبع)