صالح التيزاوي
إنّه قانون المصالحة سيّء الذًكر، مثله كمثل “القط بسبعة أرواح”. على قدر ما ناله من تجريح وانتقاد ورفض شعبي ومعارضة حزبيًة، فإنهّ تحمّل كلً الضربات وكأنّ جسده قدّ من الحلفاء ثمً مرّ في الأخير هازئا بمعارضة المعارضين وأصوات المنتقدين. وكان الأمل معقودا على لجنة مراقبة دستوريًة القوانين في الإطاحة به ولكنّ رأيها جاء موافقا لهوى من أصرًوا على تمريره.
ماذا يحاك للشّعب ولثورته في الغرف المظلمة؟ إذا كان الشّعب في عمومه رافضا لهذا القانون فلمصلحة من يقع تمريره؟ أليست الديمقراطيّة تعني حكم الشّعب، فبأيّ حقّ يمرّر قانون لا تنتفع به إلّا أقليّة إمّا فاسدة أو سهّلت للفاسدين نهب المال العام، وهذا في حدّ ذاته فساد يقتضي المحاسبة لا العفو. ألم يقل رسول الإسلام: “واللًه لو أنً فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعت يدها”. هكذا تساس الدًول بالعدل لأنّه فريضة دينيّة وواجب إنساني.
سيجيب المدافعون عن القانون بأنّ الأغلبيّة البرلمانيّة قد اجازته وقد مرّ بكلّ المراحل القانونيّة. والإجابة بأنّ قانونا مثل هذا وفي ظلّ الإعتراض الشعبي على تمريره كان من الأجدر تأجيل النّظر فيه أو إحالته على الإستفتاء الشّعبي. لأنّ نوّاب الشّعب ليسوا مخوّلين للعفو عمّن نهب المال العام. وهم بما اقترفوا: الذين صوّتوا للقانون والذين امتنعوا والذين تغيّبوا إنّما كرّسوا مبدأ الإفلات من العقاب وأساؤوا للثّورة التي أوصلتهم إلى تلك المواقع. إنّه”استحقاق” فقط “للمكينة النّوفمبريّة” التي صنعت حزب النّداء وهو اليوم ملزم بتسديد الدًين. عجيب أمر هؤلاء الفاسدين: استفادوا من الإستبداد فأتوا من النّصب والإحتيال على الدّولة ما فقّر الشًعب وعطًل التنمية وأحال شباب البلاد على البطالة ولم يترك أمامهم غير سبل الإنتحار أو الإلقاء بالنّفس إلى التًهلكة في البحار، أو الإدمان على الفساد. وها هم اليوم (الفاسدون) يركبون موجة الدّيمقراطيّة ويستفيدون منها ايضا تماما كما استفادوإ من الإستبداد.
مرّ وترك في الحلق غصّة ومرارة

صالح التيزاوي