تدوينات تونسية

من الصحفي إلى القاوقجي: باش نعملك قاوق ؟

كمال الشارني
من المفردات التونسية التي أثارت اهتمامي على مدى عقود في ثقافة البلدية في برّ الأيالة التونسية، هي عبارة “قاوق”، ومنها قاوقجي، أي فاعل القاوق، ويعمل في القاوق، أي المسؤول عن إحداث الضجيج والإعلان عن حضور صاحب السيادة.
القاوقجي في ثقافة مدن الكونتوار، عمليا هو ذلك النذل الوضيع الذي يعنف الناس ويدفع عامة الشعب، تحت حماية عبارة “وسع يا بهيم، سيدي جاء”، أنت لا تقدر على الانتقام لكرامتك حين يدفعك القاوقجي أو يسبك، لأن سيده جاء، ومعه الجلاوزة واللانكشارية وكل أنواع الزنوس، تنتهي كل حقوقك حين يعلن القاوقجي عن قدوم السيد، بعد ذلك، طور التونسيون فهما أشمل وأكثر دقة للقاوقجي، يكاد ينطبق اليوم على الصحفي الذي يعمل القاوق، أي الضجة ودفع الناس لكي يفتحوا الطريق لسيده، بمقالات المديح التي تصب كلها في معنى “وسع سيدي جاء”، مدح سيده بمقابل، وشتم أعدائه مجانا.
أصدقاء كثيرون من الأتراك سألتهم عن أصل الكلمة، آه تقصد القاووق ؟ (من لغة المطبخ التركي)، لا القاوق، لا أحد يتذكرها، انقرضت من عندهم بحكم عدم الحاجة لاستعمالها، لم تعد تركيا الحديثة بحاجة إلى مصطلحات القرون الوسطى، نحن فقط، في برّ الايالة التونسية ما زلنا بحاجة إلى وظيف القاوقجي، لإحداث القاوق.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock