Site icon تدوينات

عن الهجرة السرية.. هل أتاك حديث القارب

الطيب بن عامر

الطيب بن عامر

الطيب بن عامر

قارب يتجه مسرعا نخو الغرب، فيه شباب أعمارهم تحت العشرين وفوق العشرين بقليل. قوة الشباب التي يستحقها كل مجتمع، لم نعد قادرين على استغلالها فتذهب هباء وترحل لتبني بلدانا أخرى.

أكاد أسمع حوار الأب مع ابنه وهو يحاول أن يثنيه وتتدخل الأم باكية ولكنه يغادر وعلى الخد دمعة، ويتجه مع أصدقائه الحراقة لركوب القارب بعد أن دفعوا أتاوة العبور من صفاقس لقرقنة تسلمها أحد الأعوان وهو يقول “الله يدوم ها الميصرة”.
يصل قرقنة ويركب التاكسي (التوصيلة بـ 15دينار)، هنا الكل يستفيد.

يطلع معه للقارب أبناء عمومته وأصدقائه وشباب مثله من قبلي، قابس، سيدي بوزيد، من جندوبة… كلهم من نفس الفئات الاجتماعية، دفعهم اليأس لركوب البحر.
لم تدم رحلتهم طويلا حتى اعترضتهم الخافرة العسكرية وأرادت إيقافهم، كان الشباب متشبثين بالوصول للمياه الإقليمية ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان اصطدام الخافرة البحرية بالقارب (أو قلب القارب بصدمه من طرف الخافرة حسب بعض شهادات الناجين) فسقط جميع الشباب في البحر (تعدادهم يقارب التسعين) فنجى القليل وغرق أغلب من في القارب. الناجين لا يتجاوز عددهم 38 أما الجثث التي وقع إخراجها فلم تتجاوز الثمانية.

الشهادات تؤكد مسؤولية قائد السكادرة في هاته المأساة، انتقلت بين كل أهالي المفقودين ورأيت في أعينهم الألم واللوعة وأغلبهم فاقدين الثقة في كل مؤسسات الدولة وغير واثقين من إمكانية الوصول للحقيقة.

ولهذا على الناشطين وعلى المجتمع المدني تسجيل شهادات اللاجئين، تكوين هيئات من المحامين المتطوعين للاستعانة بهم لكشف الحقيقة والمطالبة بمحاكمة المتورطين إن وجدوا. والمطالبة بتحقيق إداري من طرف الجيش ونشره بسرعة.
كل هذا لا يكفي أن يجيب أبا أو أما فقدت أحد أبنائها وهي تعتقد أن ابنها قد وقع إغراقه عنوة.

Exit mobile version