كمال الشارني
ما قام به التاكسيست هذه الأيام من استعصاء على الدولة وغلق للطريق العام ليس غريبا، فهم يقومون به دائما وهم بدأوا بالتجرؤ على المواطن البسيط لاعتقادهم أنه ليس هناك دولة أصلا.
وآخر سيارة أجرة امتطيتها كان يقودها شخص سكران وقذر، يلبس شلاكة ويدخن أثناء السياقة، كان ذلك ليلا، وحين حاولت فتح باب السيارة، بادرني بفجاجة: “وين ؟”، ولما أجبته، فكر قليلا، ثم أضاف: “أما نجيبوا على باب عليوة”، وتبين لي أنه يقصد أن يطوف بي أنهج العاصمة لكي يعمل العداد، قبل ذلك، قررت، وأنا عائد من القاهرة ليلا، أن أمشي على قدمي أجرّ ثلاثة حقائب حتى أبتعد عن تاكسيستية المطار، أوهمني عون أمن مسلح أنه يعرف سيارات أجرة تشتغل فقط بالعداد، إلا أني اكتشفت أنها كانت وساطة شر، حين ادعى التاكسيست بعد أن تورطنا أن العداد لا يشتغل، طالبني بأربعين دينارا كما لو كان كلاندستان فأنقذني حارس العمارة الشاب وزميله في العمارة المقابلة مهددين بالدبوس: سي كمال، أشبيه الخامج يحكي معك هكه ؟ في النهاية تسلم خمسة عشر دينارا وهو يطلق كل أدعية الشر عليّ معتقدا أن الله حليف التاكسيست الفاسدين المبتزين، ولا يسمع دعاء العجوز والمرأة الحامل والمعاق والغريب والأجنبي حين يرفض التوقف لهم، وليست عندي معلومات دقيقة، لكن الظاهر أن الله أقل استماعا لدعاء التاكسيست، والدليل هو خذلانهم لبعضهم البعض في إضرابهم الذي لا طلب حقيقي وراءه سوى إعفاءهم من كل أنواع المخالفات ومنحهم حصانة تامة في عملهم، أي تماما وفق عمل الكلانستان، أي الإجرام المنظم.