عايدة بن كريّم
البارح اتصلت بي صديقة طالبة استشارة…
قالت أنها تعرّفت على بنية عمرها 12 سنة تُطلب في الشارع!!! البنية استنجدت بهذه السيدة باش تخرّجها من الوضع إلّي هي فيه… أمّ كالأرنب عندها 5 بنات الكبيرة عمرها 19 سنة ومعاقة والصغيرة عمرها عامين… الصباح الأمهات تقيّم أولادها باش يمشوا للمدرسة وهذه “الأمّ” تقيم بناتها 12 سنة و10 سنوات و5 سنوات باش يخرجوا يتسوّلوا في الشارع.
البنية متاع 12 سنة “حليلتها” بدأت تبدو عليها علامات الأنوثة والطمّاعة برشة… وهي في حالة ضياع مادي ومعنوي. هكذا وصفتها صديقتي وهنا مربط الفرس.
طبعا هذه حالة داخل ظاهرة في مجتمع فقد البوصلة تماما فهذه الظواهر باتت عادية وسليمة بمعنى أنها لم تعد تثير استغرابنا… يعني تطبّعنا مع هذه المشاهد كما تطبّعنا مع “الزبلة” المكدّسة في الشوارع والرداءة المتناثرة في بلاتوهات التلفزة والبؤس المنتشر في مكاتب الأحزاب السياسية والحالة المقرفة التي عليها مؤسّسات المجتمع بشكل عام…
لكن السؤال هو لمن يتجه المواطن الذي تقلّق من هذه المشاهد؟ المواطن إلّي قلبه وجعو وما نجمش يرقد على خاطر البنية اتجهت له طالبة المساعدة وألحّت في الطلب… هل يتجه نحو مندوبية الأسرة والطفولة؟ أم إلى أقرب مركز شرطة؟ أم إلى منزل البنية ويعطي طريحة لوالدتها؟
السؤال حيّر صديقتي… وأنا ما عنديش لها إجابة.
هذه البنية مشروع مادة لبرنامج علاء الشابي… وموضوع سنتداوله على الفايسبوك حول البوسة متاع تلك “التي جاعت وأكلت بثدييها” وصوّرها البوليس وهي في حالة سكر وعربدة ونشر الفيديو على اليوتوب… هي مشروع حرقة ورقم يُضاف للغارقين في الوحل والطبعة من أولاد الشعب العميق.
طبعا هي اللاّشيء بنسبة لوزيرة المرأة وهي إحدى التفاصيل في كتاب أمال غرامي حول الجندر وهي موضوع حجاجي في كتاب ألفة يوسف حول الجنسانية وهي نقطة في أجندة الأمم المتحدة من أجل تمكين النساء… هي لا تعني شيئا لمنظمات المجتمع المدني “ما تجيبش فلوس” ولا تعني شيئا للأحزاب السياسية “ما تجيبش أصوات”…
البنية أمّ 12 سنة هي وصمة عار في جبين كلّ بوليس وأمني اعترضته وهو يقوم بمهنته ولم ينتبه إلى يدها الصغيرة الممدودة… هي وخزة في ضمير كلّ مربّي لم ينتبه إلى أنّها ليست في قائمة تلاميذه… هي لعنة الطفولة والبراءة التي أصابتنا في مقتل.
سؤال حيّر صديقتي…

عايدة بن كريّم