السبت 31 مايو 2025
أحمد الرحموني
أحمد الرحموني

أصوات المتقاضين : من يستمع لها !؟

أحمد الرحموني
رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء
لا ادري لماذا تاخرنا طويلا في طرح هذا الموضوع. ربما لم نلتفت بجدية الى ما يسمى “جودة العدالة” وراي المعنيين بها مباشرة اي المتقاضين الذين ما فتئوا “يضمرون” و”يظهرون” ارتيابا (ان لم نقل عداء) ازاء القضاء!.
لكن في مقابل ذلك هل اظهرنا في تونس اهتماما (ولو في اضعف درجاته) بشكاوى (او شكايات) المواطنين من “جهاز العدالة”وهل اوجدنا (او حتى نقلنا) آليات خاصة لمعالجة شكايات المتقاضين !؟
هل فكرنا -ولو على سبيل التجربة- ان نجمع في اطار منظم عددا من المواطنين يتم اختيارهم طبق مواصفات محددة (السن – المستوى التعليمي – المعرفة بالوسط القضائي…الخ) الى جانب عدد من المهنيين (قضاة بمختلف اصنافهم – محامون – مساعدو قضاء…الخ) بقصد ملاحظة ردود الفعل المتبادلة حول موضوع العدالة؟
وفي نفس السياق هل تساءلنا عن الحدود التي يمكن ان تبلغها تساؤلات الناس او انتقاداتهم او تجريحهم او حتى هجومهم على القضاء ومكوناته ؟
بمعنى ماذا يمكن لهم ان يقولوا وماذا عليهم ان يتركوا ؟.
هل يتحدثون عن بطء العدالة وتعقيدها او عن محاذير “الرشوة” والمحسوبية والكيل بمكيالين او عن تكاليف التقاضي وصعوبة التعامل مع القضاة وضعف التواصل بين القضاء ومحيطه !؟
وهل يتحدثون عن موقع “الانسان” في “ماكينة العدالة” وعن شدة العقوبات وليونة الاحكام و”رجعية التفكير” وسلوك المحامين واتعاب المحاماة وعن “قضاة العهد البائد” !؟
وهل يتحدثون عن التدخل في القضاء وتاثير السياسيين في القضاة والضغوطات الصادرة عن وسائل الاعلام والمجموعات النافذة !؟
وهل يتحدثون عن “البوليس” والخبير وتغيير الاقوال والتعذيب…الخ.!؟
ورغم كل هذا وما يضيق به صدر المواطن ازاء العدالة فمن الملفت (ان لم يكن محيرا) ان الدولة بمؤسساتها المختصة (الكليات – رئاسة الحكومة – وزارة العدل – المجالس القضائية – مركز الدراسات القانونية والقضائية – المحاكم – المعهد الوطني للاحصاء…) لا تعتمد -باي شكل- طرقا خاصة او اليات محددة تمكنها من معرفة مواقف الراي العام او المتقاضين حول اداء القضاء وجودة عمله !.
ومع ذلك يمكن ان نذكر عددا من الاليات المستعملة بصفة منتظمة في بلدان كثيرة (النمسا – بلجيكيا – فرنسا – البرتغال – ايطاليا..) كاستطلاعات الراي وسبر الاراء والمراصد الرسمية والابحاث المباشرة لدى المهنيين..
وفي ضوء هذا الواقع لا ادري كيف يمكن -في غياب المؤشرات الدالة على توجهات المواطنين- ان ترسم الدولة استراتيجية ناجعة للنهوض بالقضاء او تعتمد سياسة قضائية عامة لمرفق العدالة ؟!.


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

أحمد الرحموني

لا أحد تحت القانون!

القاضي أحمد الرحموني لا أدري إن كنا نستطيع أن نزعم خصوصا في هذه الظروف أن الناس سواسية …

أحمد الرحموني

حوار بلا وسائط!

القاضي أحمد الرحموني أصبح من الثابت أن الحوار الذي يزمع قيس سعيد تنفيذه بعد تنظيمه بأمر رئاسي …

اترك تعليق