الذكاء الإصطناعي.. ثورة جديدة ستغزو العالم

مختار صادق
هنا في ضواحي مدينة “سان فرانسيسكو” أين نبتت وترعرعت كل الإختراعات المهمة في العالم تنتشر الشركات التكنولوجية بكبيرها وصغيرها كالفطر هنا وهناك… كل الشركات العملاقة ممثلة بامتياز هنا مثل شركات “آبل”، “أمازون”،, “جوجل”، “ميكروسوفت”، و”فايسبوك” (هذه الشركات الخمس لوحدها يقدر رأس مالها بحوالي 3.3 ترليون دولار (بالتاء وليس بالباء!) أي ما يقارب 238 مرة ميزانية تونس لهذه السنة!).
هذه الشركات جلبت كل الطاقات البشرية من مختلف الإختصاصات من جميع أصقاع العالم وهي تستعد لقطف ثمار “الذكاء الإصطناعي” بعد التطور المهول الذي شهدته صناعة المعالجات الدقيقة (microprocessors) و المستشعرات (sensors) بجميع أنواعها بما في ذلك المستشعرات التي تمكن من التصوير الثلاثي الأبعاد بسرعة هائلة وبأثمان زهيدة. كما شهد كذلك جانب البرمجيات في هذا الميدان تطورا لافتا فاستدعيت الأبحاث القديمة من جديد التي لم يكن ممكنا تطبيقها في العقدين الماضيين لبطء التكنولوجيا حينها من ذلك نماذج المنطق المستوحاة من دماغ الإنسان وقدرات الحيوانات المختلفة. فمثلا هناك بالأسواق الأمريكية أجهزة صغيرة بحجم حبة البرتقال بإمكانك أن تتواصل معها وتسألها عن أي سؤال يخطر ببالك وتجيبك في الحال بعد أن يقع بعث سؤالك إلى مراكز التحليل المختصة (clouds) عبر الإنترنيت أين يقع فهمه وتحليل محتواه في ثوان بحواسيب عملاقة ليأتيك الجواب في الحال. وهذه الخطوة الاخيرة (الفهم والتحليل) عن طريق الحاسوب هي من اعقد الخطوات وأصعبها. هذه الأجهزة مفيدة جدا في مجالات عديدة كمعرفة أحوال الطقس والأخبار وسماع الموسيقى والإتصال بالأهل والأصحاب وإطفاء المصابيح الكهربائية وغيرها. كل ذلك ممكنا بمجرد إعطاء الأوامر بالكلام مباشرة دون الحاجة لاستعمال هاتف ذكي أو حاسوب. وتعتبر “ألكسا” ذلك الجهاز الصغير الذي بادرت شركة “أمازون” بإنزاله إلى السوق منذ حوالي سنتين من أهم هذه الأجهزة الذكية التي تكتسح البيوت بشكل لافت…
تجدر الإشارة ان هذا التقدم المهول في معالجة اللغة ينطبق بالأساس على اللغة الإنغليزية دون غيرها. لغات اخرى مثل الصينية واليابانية والألمانية وغيرها اما العربية فلا بواكي لها فللعرب أولوياتهم المقلوبة رأسا على عقب!
الموجة القادمة من الأجهزة الذكية قد تكون على الأرجح موجة “الرجل الآلي” حيث سيغزو البيوت والمصانع ليأخذ مكان الإنسان في الكثير من الأعمال.
كذلك فإن التطور في مجال الذكاء الاصطناعي والمستشعرات جعل من “السيارة الذكية” التي تقود نفسها بنفسها دون الحاجة إلى سائق حقيقة يقع تجريبها في مختلف شوارع “كاليفورنيا” كما يقع الآن الإعداد لهذا التطور الصناعي المستجد على جميع الأصعدة القانونية والمادية والسياسية وغيرها. وتعتبر شركات “جوجل” و”تسلا” و”أوبر” من الشركات الرائدة في هذا المجال. ويعتقد الكثيرون أن المسألة لا تتعدى سنوات قبل أن تصبح السيارات تسير لوحدها في الشوارع لتنخفض حوادث السير ويقع الإستغناء عن خدمات السائق الانسان (لو أن اخوتنا في السعودية صبروا قليلا قبل إحراج الذين أفتوا بتحريم سياقة المرأة للسيارة!).
الأن مثلا يمكنك التسوق من مكانك وأنت أمام الحاسوب أو الهاتف ليأتيك غداءك الساخن أو الخضر الطازجة إلى مكانك في دقائق معدودة وقد أصبح هذا ممكنا بفضل التطور في البرمجيات التي بإمكانها تحديد الطلب وأقرب الأماكن لتنفيذه بطريقة تشبه السحر.
شركة “ايرباص” مثلا فتحت مكتبا هنا للبحث في كيفية صناعة “طائرات آلية بدون طيار” لتعمل كسيارات تاكسي فضائية للقضاء على الإزدحام في المدن الكبيرة مثل مدينة “سان فرنسيسكو”. وقد أعلن عن بداية تجربة الطائرة في السنة القادمة بالذات. طبعا مازال هناك الكثير من العقبات القانونية وغيرها ولكن الكل يعمل من أجل قطف ثمار “الذكاء الإصطناعي” في كل الاختصاصات.
بالامس تحديدا وقع بعث تجمع تشريعي (caucus) بالكونغرس الأمريكي استعدادا لبعث القوانين الجديدة للتعامل مع الذكاء الإصطناعي في كل المجالات سواء كانت الحربية منها أو المدنية بجميع أنواعها.
الخلاصة: العالم يتجه بشكل مجنون إلى نمط جديد من الحياة حيث ستحتل فيه الآلات الذكية حيزا هاما من حياة الناس اليومية وتواصلهم مع بعضهم البعض: نسأل الله السلامة للإنسانية جمعاء!

Exit mobile version