زهير إسماعيل
ماذا لو خرج الناس في تظاهرة ردًّا على الحكم بالسجن أربعة أشهر الصادر في حق مواطن فرنسي من أصل جزائري قبّٰل صديقته التونسيّة في فضاء عام. وسمّوا هذه التظاهرة “بوسني ونبوسك”، وخرجوا إلى شارع الثورة.
ستكون هذه سابقة ومعنى عميق من معاني الثورة يؤكد أنّ ثورتنا على غير مثال. وقد يكون من شعارات هذه التظاهرة المركزية: لا خوف لا رعب البوس حقّ الشعب.
في تونس كان الفرز على قاعدة الثورة، وعلى قاعدة الإيديولوجيا، وعلى قاعدة الحريّة… إلّاٰ الفرز على قاعدة البوس، فهذا لم تعرفه الثورة التونسيّة، ولو عرفته لذكّٰرت بعديد الحركات الثوريّة التي التفتت إلى الجسد (ماي 68)، واعتبرت تحريره -على طريقتها- من معاني للثورة العميقة.
والدولة، حين عاقبت، المحب على القبلة المخطوفة، لم يكن ذلك ورعا منها وزهدًا، أبدا. بل لأنّها “حسوديّة” ولا تريد للفرد إلاّ “الكبّي”، وحتّى رغباته تريدها على هواها وبما يحقّق غاياتها السلطويّة. فثقافة الدولة لا تخلو من دعارة ومن قصْد للاستثمار في الجسد التحكّم في طاقاته (العمل) وتّعبيراته (الرغبة).
الدولة، أيًّا كانت صفتها (قومية، إسلامية، اشتراكيّة، ليبراليّٰة،،،الخ)، والجمال خصمان، لذلك تجتهد في مصادرة كل جميل.
الجميع معني بالتظاهرة، وقد يسعى البعض إلى إحراج البعض الآخر سياسيّا، وقد تحدث بعض التجاذبات السياسيّة، ولكن تجاذبات المتحابّين وانغماس الجميع في جحيم القبل سيطغى على كل تجاذب.
لا بديل عن الحب في مواجهة عنف الدولة.
ولاّدة بنت الخليفة المستكفي (ق 5 هـ)، أين ارتفعت رايات أميّة توقظ أوروبّا من سباتها، سبقت بقرون حين قالت:
أنا واللَه أصْلُحُ للمَعَالــــــــــــــي ** وأَمشي مِشيتي وأتيهُ تِيـهَا
أُمَّكنُ عاشقي من صَحْن خدّي ** وأُعْطِي قُبلتي مَن يشْتَهِيهَا