كنت أحمل نعيمة على ظهري
الطيب الجوادي
صباح الخير والحب والحياة
كانت المدرسة الابتدائية تبعد عنا ثلاثة كيلومترات على الأقل، وكان علينا السير بين الحقول واجتياز النهر للوصول لها، وكانت الرحلة ممتعة رغم الظروف الطيبيعية غير الملائمة في الشتاء بالخصوص، وبعد ان انقطع المنصف ولد عمي عن الدراسة، كان علي ان أقطع المسافة رفقة نعيمة بنت عمي، وكنا نعرض المحفوظات أو نستكمل قراءة قصة بصوت مرتفع، او ننجز احد التمارين بان ينحني أحدنا ويضع الآخر الكراس على ظهره ليتيسر له الكتابة.
وفي شهر ماي حين ترتفع الحرارة، كنا نسبح في النهر في طريق العودة للبيت، وقد نجلس بجانب الطريق لنلعب “الموريات” او نرسم خطوطا او نطارد النمل ونتتبع صفوفه الممتدة بنظام مدهش، ولم تكن هنيّة تسائلنا عن تأخرنا، فلم تكن تخشى علينا السيارات او المنحرفين، فقد كانت قريتنا وادعة آمنة، ولا يمكن ان أنسى كيف كنت أحمل نعيمة على ظهري لأجتاز بها النهر عندما يرتفع منسوب مياهه.
كانت حياتنا جميلة رغم فقرنا المدقع
وكنا نعشق أيامنا ونتمنى الا نكبر، ولكننا كبرنا، ولم نعد نملك الا الذكريات نعيش بها.