سمير الجدي
لا أتصور أن مدخنا واحدا لم يفكر مرة في قطع علاقة الحب التي تربطه مع السيجارة. وإذا كانت الفكرة تحتاج إلى هادم هذه اللذة ومفرق هذين المحبين عن بعضهما، فأرجو أن أكون أنا صاحب هذا الشرف وعدل الإشهاد على هذا الطلاق.
• لن تحس بالبرد بعد اليوم
تهاني القلبية لنجاحك الباهر وانتصارك المذهل على أقوى عدو وأعتى إدمان. ومرحبا بك في الجانب الجميل من شاطىء الحياة.
إذا كان لديك هواء نقي، وغرفة دافئة في الشتاء وباردة في الصيف، فأنت لست مدخنا. لقد انتهى عهد الوقوف في البرد القارس وريح الشمال يصفع الوجه. لقد انتهى عهد الوقوف في الحر القاتل وريح الصحراء يلفح الوجه وأنت تدخن.
لنقل أن هذا العهد يمكن أن ينتهي. أنصحك أن تواصل الخروج في العمل مع زملائك المدخنين حينما يهرعون لتقديم أضحية للآلهة ”نيكوتينا” حتى وإن لم تكن تدخن، فخروجك مع هؤلاء المساكين أمام الباب ليس عملا إيجابيا من الجانب الإجتماعي فقط، بل ويمنع خطر السمنة وزيادة الوزن كذلك، فسوف تنقص عادة الخروج أمام الباب. لذلك إفعل شيئا للمحافظة على رشاقة جسمك وواصل الخروج مع زملائك المدخنين، ولكن دون سجائر.
• عمل عظيم
بسبب سرعة عجلة الحياة واللهث وراء السراب يصبح من الصعب أن تجد فعلا عظيما يجعلك محط أنظار الرأي العام وإعجاب الناس. والشخص الذي لا يمتلك صوتا جميلا للغناء أو مهارات ”ميسي” أو ”رونالدينيو” في كرة القدم، لم يبق له إلا محاولة الإنتحار أمام كاميرات الهواتف الجوالة كي يصبح مشهورا، أو المشاركة في برنامج ”عندي ما نقلك”. والإنتصار على هذا الغول الرهيب ”سي قارو” يعطيك هذه الفرصة الذهبية لجلب الإنتباه والإحترام. كل هذا يعتمد على قوة خيالك وحرفيتك. جرب أن تستدعي أصدقائك أصحاب الدراجات النارية للقيام بجولة في شوارع المدينة، حيث تقودون دراجاتكم النارية فوق يافطة عليها صورة جمل وأنتم تقصدون سجائر ”camel” كي لا تفهم السفارة الأميركية خبثكم السياسي ولا تقرأ ما بين السطور ما تقصدون بهذه الرسائل الخفية.
أو قم بكتابة مقال بجريدة صريحة تلعن فيها ”الصفاء” السياسي وتحرض على عدم الإحتفال بيوم ”20 مارس” حتى لا تحرج إحساس أصدقائك المدخنين. لا بد أن تحس بأنك بإقلاعك عن التدخين قد قمت بعمل عظيم يجب الإنتباه إليه.
• حديث الساعة
لا يهم كم من سنة ضيعتها في غيمة الدخان ذي اللون الرصاصي، فلون الدخان المنفوث الرصاصي يذكرك بالرصاص، بالجندي، بالوطنية خاصة وأنت تدخن سجائرك الوطنية، فأنت حتى وإن كنت عاطلا عن العمل، فإنك جزء لا يتجزأ من الإقتصاد الوطني. ورغم كل السلبيات التي يعرفها الجميع -وخاصة المدخنين- عن التدخين، فهناك نقطة إيجابية لا بد من ذكرها وهي أن ”المدخن كائن حكيم”. فالذي يدخن هو الوحيد الذي يمكنه أن يتوقف عن التدخين. وبذلك يمكنك أن تفتخر بقوة شخصيتك، وكفاءتك في الحوار في موضوع هو من اختصاصك وليس مثل الحوارات العقيمة عن الطقس والسياسة، أو الأحاديث المربكة عن الحياة الزوجية أو مثل الحوارات العاطفية عن كرة القدم. فأنت تتحدث عن قصة حب وعذاب وكره واشتياق من بداية العلاقة واول قبلة لأول سيجارة وأول أغنية ”هو صحيح الهوى غلاب” إلى لحظة هبوب نسائم الحرية من السلاسل الحديدية الباردة للساحرة الشمطاء التي حولت نفسها إلى فتاة جميلة، وفعل سحرها فيك فعله وجعلك تقبلها وترتمي في أحضانها.