رسالة من مريض فرنسي إلى أبيه
فهد شاهين
اذا لم تقرأ هذا الكتاب بعد.. هذا النص (السريع) سيحفزك لأن تبدأ بقراءة هذا الكتاب هذه الليلة
شيء مدهش
رسالة من مريض فرنسي في قرطبة الى ابيه في فرنسا، في حوالي عام 1000 ميلادية
“أبي الحبيب، تسألني إن كنت بحاجة إلى نقود! فأخبرك بان العلاج مجاني في هذا المشفى الاسلامي، وبأني عندما أخرج من المستشفى، سأحصل على لباس جديد وخمس قطع ذهبية حتى لا اضطر إلى العمل حال خروجي مباشرة فلست بحاجة إذن إلى أن تبيع بعض ماشيتك ! ولكن عليك بالإسراع في المجيء إذا أردت ان تلقاني هنا. إني الآن في قسم العظام بقرب قاعة الجراحة. وعندما تدخل من البوابة الكبيرة، تعبر القاعة الخارجية الجنوبية وهي مركز العيادات الخارجية حيث أخذوني بعد سقوطي، وحيث يذهب كل مريض أول ما يذهب لكي يعاينه الأطباء المساعدون وطلاب الطب. ومن لا يحتاج منهم إلى معالجة دائمة في المستشفى تُعطى له وصفته فيحصل بموجبها على الدواء من صيدلية الدار.
وأما أنا فلقد سجلوا اسمي هناك بعد المعاينة وعرضوني على رئيس الأطباء. ثم حملني ممرض إلى قسم الرجال، فحممني حماماً ساخناً والبسني ثياباً نظيفة من المستشفى. وحينما تصل ترى إلى يسارك مكتبة ضخمة وقاعة كبيرة حيث يحاضر الرئيس في الطلاب. وإذا ما نظرت وراءك يقع نظرك على ممر يؤدي إلى قسم النساء. ولذلك عليك ان تظل سائراً نحو اليمين، فتمر بالقسم الداخلي والقسم الجراحي مروراً عابراً. فإذا سمعت موسيقى أو غناء ينبعثان من قاعة ما، فادخلها وانظر بداخلها، فلربما كنتُ أنا هناك في قاعة النقاهة حيث تشنف آذاننا الموسيقى الجميلة ونمضي الوقت بالمطالعة المفيدة… واليوم صباحاً جاء كالعادة رئيس الأطباء مع رهط كبير من معاونيه. ولما فحصني، أملى على طبيب القسم شيئاً لم افهمه. وبعد ذهابه اوضح لي الطبيب أنه بإمكاني النهوض صباحاً وبوسعي الخروج قريباً من المستشفى صحيح الجسم معافى. واني والله وكاره هذا الأمر ! فكل شيء هنا جميل للغاية ونظيف جداً: الأسرّة وثيرة وأغطيتها من الدمقس الأبيض والمُلاء بغاية النعومة والبياض كالحرير، وفي كل غرفة من غرف المستشفى تجد الماء جارياً فيها على أشهى ما يكون، وفي الليالي القارسة تُدفّأ كل الغرف. واما الطعام فحدث عنه ولا حرج !! فهناك الدجاج أو لحم الماشية يقدم يومياً لكل من بوسعه أن يهضم. ان لي جارا ادعى المرض أسبوعا كاملا اكثر مما عليه حقيقة، رغبة منه في التمتع بشرائح قطع الدجاج اللذيذة بضعة ايام اخرى، ولكن رئيس الاطباء شك في الامر، وأرسله بالامس الى بيته بعد ان اتضح له صحة المريض الجيدة بدليل تمكنه من التهام دجاجة كاملة وقطعة كبيرة من الخبز وحده لذلك تعال يا أبتي وأسرع بالمجيء قبل ان تحمر دجاجتي الاخيرة”.
من كتاب شمس العرب تسطع على الغرب.. للمستشرقة الألمانية زيغرد هونكه.