رسالة خاصّة جدّا إلى “إبي الطيّب المتنبّي”

الخال عمار جماعي
(لا تقرأ هذه الرّسالة..)
يا معلّمي.. أيّها السّامق فوقهم.. فوق ناقد غنم من بلاغتك سيّارة ومرتّبا جامعيّا مجزيا ولم يكن يعنيك أنت -يا إبن الغِضاب- إلاّ غضبة أن لم تَرَ لسيفك واصفا.. فوق حُلكة زمنهم الأجرب غريبا كنخلة في أرض لم تُحرم بها لأنّها رجس ودنس داعشيّ.. فوق خصاهم -يا فحل- كنت تَلْقح اللّغة العذراء فتصيب منها صيّبا من شواردها ينهمر خصيبا.. فتنام.!! فوق الأحبّة إذ يغدرون بك فتعتب ولا تبكي لأنّك “أحمد” وأحمد لا يكون إلاّ عاشقا شامخا أو نبيّا صبورا.. فوق ريح سمومهم وأعلى من برقهم الخُلّب كنت هناك على قَلَق تجتذبك مغامرة الهيجاء ويُطربك وقع الأسنّة في حشاك.. فيا سيّدي إتّئدْ.. ثقل الطّريق وضاعت الجهات الستّ.. فبوصلتهم فاسدة لعبت بها أصابع قذرة يا مولاي…
يا معلّمي.. أيّها الشّاعر وحدك.. أيّها الفحل فوق خصاهم.. زنى النّاس بالقول فـ “تشوْعر” البوليس والنّوتيّ والدّيوث والتيّاس وبائع الفجل وإمراة أخرى تجتذب الذّكور بالمجاز.. فتقيّأ صاحبك دما إعتصر كبده.. فوق هذرهم أنت وحكمة الزّمن الصفيق إذْ يأمرون النّاس بإطالة السّجود فهو أحفظ للفرج.. قل حكمتك يا معلّمي.. “إذا لم يكن من الموت بدّ” فلا تمُتّْ ساجدا… بعض أصدقائك تعبوا من طينهم ولم يسجد لهم إبليس ومسّتهم لوثة الأحلام الكبرى.. فحنانيك.. يا من يريد من زمنه ما لا يطيق أهله ولا يرومون.. كثرت علينا “الرّوم” من بلدنا ونحن حلٌّ به ولا نريد أن نقسم به فنحنث..
يا معلّمي.. لنا روح رقّت حتى شفّت وما علم الأحبّة أنّهم جرّحوها وعزّة الأنفس -كما تعلم- مهلكة للفتى.. فأيّ الطُّرْق نسلك ليعلموا أنّهم تركوا ظهورنا للأعداء، مِزَقًا جلودنا منهتكا عرضنا.. فليتّقوا الله فينا ؟ إتّسع الفَتْق ولا راتق يصبر على الأحزان والنّجوى وصاحبك ضعيف منين.. فبمن نلوذ يا من نعتصر من عنب قوله فنَتْرَعُ ؟.. فلا تذمم لهذا الزّمان أهيْله فيقوم علينا حدّ الإنتماء للصّائبة الجدد.. فلا طينك ولا طيني يحتمل الجلد بكرباج الرّوافض.. فهلاّ فتحت لي يا مولاي عباءتك فإنّي مقرور…
يا معلّمي.. لي بعض ولدان ضعاف.. لم يستوِ عودهم وأخشى ضيعتهم من بعدي فلا تزد من طعون الكَلَمٍ فهي أشدّ على النّفس من وقع الحسام المهنّد فأقصر فقد بلغت الروح الترقوة.. فأنت قاتلي.. لأنّي أعتقد فيك ولا أفرّق في القول والإعتقاد.. هؤلاء قومي فأشهد يا صاحبي أنّهم ظلموا وعتوا وكذبوا كثيرا.. حتّى “لات مصطبر” وضجّت نفسي وشكت لخالقها..
يا معلّمي.. أشهد أنّي من بعض أتباعك الدراويش وإنّي أشهدك على ظلم الأحبّة فكن حكما.. فلعلّهم لن يروني بعد هذا..

Exit mobile version