رأي حول العقل بين الحداثة والرجعية

نضال السالمي
عصابات الشّعوذة بعنوان “نخبة” يتعاملون مع الإسلام بوصفه “طُرح تفكير”.. وكلّ ثقفوت له آراء واجتهادات من نوع: أنسنة الإسلام.. تحديث الإسلام.. الإسلام التقدمي.. اليسار الإسلامي.. الإسلام الديمقراطي.. إلخ
يا عباد الله: إنّ الدّين أمرٌ أنزله الله وهو يعرف طينة الإنسان ومصير البشريّة كافّة.. يعرف تغيّر العصور والأنماط.. ولذلك جعل فيه الثّابت والقابل للتأويل.. وربط القابل للتأويل بحدود.. وقال في كثير من الآيات أنّ مفاتيح الحقّ لا يفتحها غير عباده المؤمنين.. الأتقياء.. العابدين.. الصّادقين..
الإسلام جوهريّا دين طاعة الله.. والتحرّر بالإيمان من أوهام العقل.. وطغيان المتألّهين.. ومتاهات الأوثان.. إنّه دين العبادة والإستقامة والسموّ الروحي والأخلاقي.. وليس طُرح تفكير من نوع: جيب ما عندك ونجيب ما عندي..
الإسلام ليس طريقا للتحرر من الإسلام عبر خرافات العقل الضالّ.. إذ يصوّر للإنسان الضّعيف والمسكين أنّه يمكن له أن يقوم بتحوير على الدين من باب التقدميّة وسائر الهراءات الواهمة.. لنصل في النهاية إلى خلقِ إسلام على مقاس رغباتنا وأحلامنا إذ يصير العقل حينها خادما لغرائزنا وأهوائنا اللادينية.. وتلك المنزلقات لا يدركها إلّا الرّاسخون في العقل..
أعرف مُسبقا كلّ التّهم حول هذا الرّأي: أنت ضدّ العقل.. رجعي.. إلخ.. فأقول دون تردد: بالعقل عرفتُ الله وأحببته.. وبالعقل أكتب نصوصي.. ودعوتي دوما دعوة لإعمال العقل وتحريره من قيود الأكاديميّات البائسة وأوهام العولمة.. لكنّي أتمايزُ عن هؤلاء أنّي لا أنقلُ القداسة من الله إلى العقل.. ولا من النصّ الواضح إلى ترّهات العقل.. ولا من المنهج الأخلاقي إلى أهواء العقل وميولاته القديمة في التحرر من كافّة القيود.
أنا أسعى دوما لأضع العقل في خدمة الإنسان.. في خدمة الله.. ولا أضع المصير الإنساني بيد هذا العقل المُنفلت والذي لا أملكه إلّا بوصفه مخلوقا خارج إرادتي..
أنا لم أخلق العقل.. ولم أخلق وجودي.. ولم أخلق الكون.. ولم أخلق كلّ تلك المصادفات الصغيرة والكبيرة التي تحدث في حياتي فتتحكّم بمصيري وأسلوب تفكيري بطريقة أو بأخرى..
إنّ الإيمان بالله.. هو النهاية المحتومة لكلّ عقلٍ لامع في روحٍ عميقة وقلبٍ سليم: ألم أقل دوما أنّ الجنّة لن ينالها من يتذاكى على الدين – على الله.. بل الجنّة هي المصير النهائي للمتفوّقين من البشر.. أعني مصير النّخبة الحقيقية للإنسانية.

Exit mobile version