عبد القادر عبار
الفتوى الحدث بالسماح “للحُرْمَة” بقيادة السيارة وحقها في حضور المباريات الرياضية أثلجت، وأزعجت، وأحرجت :
• أثلجت مناضلات سعوديات طالما احتججن على المنع وطالبن بالمساواة في “المِقْوَد” ورأين في إصدارها انتصارا لوجهة نظرهن وتتويجا لجهودهن وصفعة لخصومهن.
• ومن تاريخ نضالهن ما حصل يوم الثلاثاء 6 نوفمبر عام 1990 حيث انطلقت ثلاثة عشر سيارة في أول حركة احتجاجية يقودها نساء سعوديات. عددهن 47 امرأة بين التاسعة عشرة والخامسة والخمسين ما بين أكاديميات وطالبات ومعلمات وإداريات وربات منازل وسيدات أعمال وبعد حوالي عشر دقائق. أوقفتهن إحدى سيارات المرور وتقدم الشرطي منهن تنتابه الدهشة والحيرة فأراد إحراجهن فطلب رخصة السياقة (على اعتبار أن الرخصة لا تمنح للمرأة) من قائدة السيارة الأولى وسرعان ما أبرزت له رخصتها الأمريكية، الأمر الذي زاده حيرة وقلقا. ثم طلبت منه السيدة وزميلاتها أن ينقل رسالة منهن إلى أمير الرياض يومذاك الأمير سلمان بن عبد العزيز، كنّ قد حرّرنها من قبل يشرحن فيها معاناتهن مع السائقين الأجانب أو مع أولياء أمورهن.. ثم جاءت مجموعة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد أعماهم الغضب واندفعوا تجاه النساء وهم يطلقون عليهن الشتائم البذيئة والنعوت القبيحة وفي الساعة الرابعة بعد منتصف الليل اخلي سبيل الجميع بعد اخذ تعهدات عليهن جميعا بعدم قيادة السيارات من قبل النساء.
• كما أحرجت الفتوى علماء ومرجعيات كبيرة.. عرفوا بتصدّرهم وسبقهم للتوقيع على المنع وبرهنوا ودللوا وجادلوا.
• وأزعجت متشددين يلعنون في سرّهم ذلك الأشقر “ترومب” المشئوم على مستقبل وضعهم المرجعي.. والذين طالما رفعوا باسم الدين عدة “لاءات” ظالمة ومجحفة بحق المرأة السعودية.
ويرى هؤلاء المنزعجون من هذا التفتح المفاجئ خمس مساوئ ستنجر عن تطبيق الفتوى الحدث :
1. لان المجتمع السعودي تعود على عدم تقبل فكرة خروج المرأة السعودية لوحدها. فقد يؤدي تبني الفتوى ذلك إلى نشوب خلافات عائلية وزوجية بما أنها زوجة أو بنتا أصبحت تملك حرية التنقل لوحدها بدون تواجد زوجها أو سائقها أو محرمها.
2. زيادة في الازدحام واختناق الحركة المرورية بالسيارات وتعطيلها مع احتمال تعدد الحوادث وارتفاع عدد الوفيات. نتيجة تزايد استخدام السيارات الفردية بدل الاعتماد على السيارة العائلية.
3. سلبيات أخلاقية نتيجة زيادة المعاكسات التي سيفتعلها الشباب وملاحقتهم للبنات السائقات.
4. تأثر ميزانية العائلة بسبب مصاريف لم تكن موجودة ويفرضها شراء سيارات خاصة فردية لعدد من أفراد العائلة مع ما يترتب من توفير مبالغ التأمين والتصليح والتعهد.
5. تردي أوضاع أصحاب التاكسي وتقلص مواردهم بسبب الاعتماد الكلي على السيارات الفردية.
وهناك من بين المصفقين للفتوى، من كتب فقال: “خلال السنوات الماضية حرص المتشددون دينياً على مهاجمة كل حق شرعي للمرأة، وكان من بينها قيادة المرأة للسيارة” وهذا اتهام مبطن للمفتي المرجع الشيخ ابن باز الذي كان يمنع ذلك فقد جاء في إحدى فتاواه: “قد كثر حديث الناس عن قيادة المرأة للسيارة، ومعلوم أنها تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها، منها: الخلوة المحرمة بالمرأة، ومنها: السفور، ومنها: الاختلاط بالرجال بدون حذر، ومنها: ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور، والشرع المطهر منع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة”.
بإصداره لهذا الأمر السامي.. يجتهد العهد السليماني بضغط أمريكي خاصة وغربي عامة في أن يكون ناسخا للكثير من بصمات أسلافه ومشطبا للكثير من رؤوس أقلام مرجعياته.
فهل نهنئ المرأة السعودية بحصولها على هذا الحق ؟ أم نعزّي مرجعيات ذات عمائم ولحَى، طالما ظلمت المرأة وبخستها الكثير من حقوقها وصدمت العالم بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان ؟
الناسخ والمنسوخ… في فتاوى المرأة السعودية
