تدوينات تونسية

تحذيرات إسرائيلية من مخاطر التعاون التركي الإيراني

صالح النعامي
حذرت دراسة إسرائيلية من مخاطر التقارب الكبير بين تركيا وإيران وتعاظم مظاهر التعاون بينهما، معتبرة أن هذا التطور يحمل في طياته تهديداً للمصالح الاستراتيجية لإسرائيل. وشددت الدراسة، التي صدرت يوم الأحد الماضي عن “مركز أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي، على أن ما يفاقم خطورة التقارب التركي الإيراني حقيقة أنه يأتي في ظل تطورات سلبية تعكس توجه أنقرة للإضرار بالمصالح الإسرائيلية، لا سيما إصرار الأتراك على تطوير العلاقة مع حركة حماس، والدور الكبير الذي تقوم به القيادة التركية في التحريض على إسرائيل، خصوصاً في أعقاب أحداث الأقصى الأخيرة.
وأشارت الدراسة، التي أعدتها كل من رئيسة قسم الأبحاث الأسبق في جهاز الموساد، الخبيرة في الشأن الإيراني سيما شاين، والباحثة في الشأن التركي ليندا شتراوس، إلى أن ما يفاقم الأمور خطورة في التقارب بين طهران وأنقرة بالنسبة للمصالح الإسرائيلية حقيقة أنه يتجسد أيضاً في ظل وقوف كل من تركيا وإيران ضد المحور العربي القريب من إسرائيل، مشيرة بشكل خاص إلى تدهور العلاقات التركية المصرية ووقوف تركيا وإيران بدون تردد إلى جانب قطر في مواجهة “الدول العربية السنية المعتدلة”، على حد توصيف الدراسة.
وشددت الدراسة على أن القرار التركي بالإسراع بتدشين القاعدة العسكرية في قطر يدلل على الجدية التي تبديها أنقرة في الوقوف إلى جانب الدوحة، وتعكس عزمها على إفشال أهداف الحملة عليها. وحذرت الدراسة من أن التعاون التركي الإيراني يمثل تهديداً للبيئة الاستراتيجية والإقليمية لإسرائيل، مشيرة إلى أن هذا التعاون يتعاظم في ظل تدهور الأوضاع في مصر التي تعيش أزمة اقتصادية خانقة. وأوضحت الدراسة أن التقارب التركي الإيراني تجسد في توثيق التعاون العسكري والأمني بين الجانبين، مشددة على أن “الزيارة التاريخية” التي قام بها رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة الإيرانية محمد باقري لأنقرة في أغسطس/ آب الماضي، تحمل دلالات كبيرة. وأشارت إلى أن مظاهر التنسيق السياسي والاستراتيجي بين أنقرة وطهران تتعاظم باستمرار، متوقفة عند زيادة وتيرة اللقاءات بين الرئيسين رجب طيب أردوغان وحسن روحاني، إلى جانب تعاون كل من تركيا وإيران وروسيا في التوصل لاتفاق خفض التوتر في سورية. وأوضحت أن كلاً من إيران وروسيا وافقتا في اتفاق أستانة المتعلق بإدلب السورية على منح تركيا دوراً يمكّنها من تحقيق مصالح تتجاوز مخاوفها من التطلعات القومية للأكراد. وأشارت الدراسة إلى أن التعاون التركي الإيراني يمسّ بخارطة المصالح الاستراتيجية في سورية، محذرة من أنه يعزز من قدرة إيران على تكريس نفوذها هناك.
ولفتت الدراسة إلى أن توثيق التعاون بين تركيا وإيران امتد للجانب الاقتصادي، مشيرة إلى أن كلاً من طهران وأنقرة وموسكو توصلت لاتفاق ثلاثي يقضي بقيام شركات تركية وروسية بالتنقيب عن النفط والغاز في إيران. وحذرت الدراسة من أن تعاظم التعاون العسكري بين تركيا وروسيا يزيد الأمور تعقيداً بالنسبة لإسرائيل، خصوصاً في أعقاب قرار موسكو تزويد أنقرة بمنظومة الدفاع الجوي الأحدث في العالم “أس – 400”.
وعزت الدراسة التقارب التركي الإيراني إلى حاجة كل من طهران وأنقرة لتوحيد الجهود لمواجهة توجه الأكراد في شمال العراق للإعلان عن استقلالهم، إلى جانب خيبة أمل تركيا من الولايات المتحدة بسبب مسها بالأمن القومي التركي من خلال الإصرار على دعم أكراد سورية. واعتبرت الدراسة أن نجاح الروس والإيرانيين في إنقاذ نظام بشار الأسد من السقوط دفع الرئيس التركي للتعامل مع الواقع الجديد ومحاولة استنفاد الطاقة الكامنة في التعاون مع طهران وموسكو حفاظاً على المصالح التركية. وأشارت إلى أن الأتراك معنيون بالتقارب مع إيران من أجل إيجاد بيئة سياسية تسمح لقواتهم بالعمل شمال سورية لمنع الأكراد من فرض حقائق سياسية على الأرض. وحسب الورقة، فإن كلاً من الإيرانيين والروس أدركوا أن تركيا أدت دوراً مهماً في تصعيب مهمة الحسم لصالح بشار الأسد في سورية من خلال دعمها لقوى الثورة السورية، الأمر الذي فاقم حاجة طهران وموسكو لتحييد أنقرة عبر تكثيف التعاون معها. وأوضحت الدراسة أن انطلاق تركيا من قناعة مفادها بأن الدول الغربية ساهمت في تحفيز محاولة الانقلاب التي جرت في تموز/ يوليو العام الماضي، ورفض واشنطن تسليم فتح الله غولن، الذي تتهمه السلطات في أنقرة بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية، عززا من توجه الأتراك للتعاون مع طهران وموسكو.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock