Site icon تدوينات

ملاحظات عابرة بخصوص استفتاء الأكراد

أنور الغربي

أنور الغربي

أنور الغربي
قرأت الكثير عن تاريخ الأكراد ودورهم الايجابي في بناء الحضارة العربية والاسلامية وتحدثت لكل الأطراف من الكرد سواء الداعمين للاستفتاء أو الرافضين له واليوم وبعد المحاولات الانفصالية المتكررة منذ 2003 لم أجد من يدعم ارادة الأكراد الراغبين في “الانفصال” الا المتطرفين من اليمين المتصهين في أمريكا وأوربا وهم عادة من يعبر عن المصالح الاسرائيلية أو حكومة تل أبيب التي تعلن تأييدها قيام الدولة الكردية.
وعندما تقرأ تقارير “قناة الحرة الأمريكية” و”يدعوت أحرانوت الاسرائيلية” وتصلك أخبار الصهيوني الذي يحمل الجنسية الفرنسية “بارنار هونري ليفي” من كركوك أو السليمانية فاعلم أن الأمر لا يمكن أن يكون في صالح شعوب المنطقة ولا يخدم الاستقرار – فقناة “الحرة” والصهاينة من أمثال “ليفني” هم أدوات لمشاريع تخريب وتدمير وتقسيم الشعوب والأوطان في المنطقة.
وفي الواقع تزايدت المخاوف من هذه المشاريع بعد نشر عديد التقارير وبخاصة مذكرات نائب رئيس جهاز الموساد الأسبق التي أكد فيها بأن الموساد عمل على تدريب وتسليح المقاتلين الأكراد بقيادة مصطفى بارزاني.
ويجد المتابع صعوبة في فهم تفاعل الأكراد مع الدعوات الإسرائيلية الداعمة لمشروع التجزئة والتقسيم وهو ما يهدد جديا وحدة الأراضي السورية والعراقية بالخصوص وما الاعلان عن عزم الإدارة الكردية في شمال سوريا تنظيم انتخابات في المناطق الواقعة تحت سيطرتها الا تواصل لمخطط التقسيم الذي يتماهى مع المنطق الإسرائيلي الذي يعتبر بأن دولة كردية في شمال العراق ستكون نواة لدولة كردية أكبر يمكن أن تضم لها مناطق الوجود الكردي في شمال وشمال شرق سوريا، وشرق تركيا وغرب وشمال غرب إيران.
بالنسبة لاسرائيل فان الدولة الكردية ستكون حليف استراتيجي لتل أبيب من أجل السيطرة على النفط والغاز والمياه خاصة أن حوالي 80 % من واردات إسرائيل من النفط تصل إليها من كردستان العراق كما أن شركات إسرائيلية -يديرها جنرالات احتياط خدموا في الجيش والاستخبارات- قامت باستثمارات كبيرة داخل كردستان، وخاصة في مجال الطاقة والإنشاءات والاتصالات والاستشارات الأمنية بحسب تقارير صحفية بريطانية وأمريكية معروفة.
يتحدث البعض بأنه لدى قادة الانفصاليين الأكراد تطمينات من الادارة الأمريكية وبعض حكام الظل في أنظمة اقليمية أعلنت رسميا رفضها للانفصال ولكنها تدعم التمشي نكاية في ايران وتركيا وضربا للمشاريع التي تطالب بالحرية والعدالة في توزيع الثروات. ان صحت هذه الروايات فان هذه الأنظمة ستكون المتضرر الرئيسي من تبعات هذه الخطوة لأن مشاريع التفتيت والتقسيم جاهزة ومنشورة في عدد من مراكز الدراسات والأبحاث الغربية ويكفي الاطلاع عليها للوقوف على حجم التحديات التي تواجه المنطقة.
فلماذا هذه القفزة في المجهول والاصرار على تنظيم الاستفتاء في إقليم كردستان والكل يعلم تأييد معظم الأكراد لخيار الاستقلال واستغلال فشل وضعف الأنظمة القائمة في كل من العراق وسوريا لفرض أمر واقع يعرف أصحابه بأنهم سيواجهون العديد من العقبات وأن مشروع الدولة الكردية سيكون مخنوقا استراتيجيا وجيوبوليتيكيا.
فأزمة الأكراد هي أزمة تنمية وحقوق ثقافية ولغوية يجب التعامل معها من داخل الجسم الوطني وتحل عبر الحوار الداخلي وليس من خلال محركات خارجية ستعطي الذريعة والغطاء للدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة في نشر قوات “حفظ السلام” لعزل إقليم كردستان ولإعادة انتشار الجيش الأمريكي في المنطقة وكل ذلك من أجل السيطرة على ممرات الطاقة.
جينيف

Exit mobile version