بيـــــــــــان ضدّ النخبة

نضال السالمي

قلتُ مرارا أنّ أفضل عمل يمكن للإنسان السويّ أن يفعله حين يصادف أحد المثقّفين في هذا الوطن هو أن يلوذ بالفرار.. خشية أن يُصاب بالأمراض الخطيرة والمزمنة الّتي تتخبّط فيها نخبتنا العتيدة.
الغالبية العظمى لما يُسمَّى زورا وبهتانا بالنخبة هي عصابات فكرية تمارس الشّعوذة وسيلة للبروز والتحكم وجسرا إلى أقصى ما يمكن من الغنائم: إنّهم على ما يبدو يعالجون خيباتهم الشخصيّة عبر ممارسة الدّجل على المساكين والبؤساء..
النخبويّة في هذا الوطن ترمز في ذهني لعمليّات التحيّل المافيوزية.. وعمليّات غسيل الأدمغة.. والتّنظير للخراب المحتوم.
أن تكون نخبويّا.. هو بالضّبط أن لا تفكّر بل أن ترتّل على الشعب أناشيد ثقافيّة بالية وغالبا ما تكون محفوظات لحكايات غريبة عنّا نشأت في عالم ما وراء البحار..
أن تكون نخبويّا.. هو أن تكون منفوخا كطبل.. خبيثا كثعلب.. حاقدا كجملٍ ظمآن.. ماكرا كنمس جائع.. متلوّن كحرباء.. مُتذاكي كذئب جريح..
أن تكون نخبويّا هو أن تعيش في القرف وتعمل زبّالا في مزابل الفكر.. فتاريخ الفكر مليء بفضلات وروث عقلي يشتغل عليه مشعوذي الشعوب وحثالاتها..
لن تجدوا نخبويّا يفكّر.. لن تجدوا نخبويّا صالحا.. لن تجدوا نخبويّا ذا مشروع إنقاذ حقيقي.. إنّهم قوّة إحتلال عقلية تمارس وظيفة الإخضاع والتشويه والتّدنيس.
تعالوا الآن للصّندي في الصّندي :
هل من بين النخبة اليوم من يفكّر صادقا في إنقاذ شعبنا من الهاوية ومن المخاطر القادمة عبر ممارسة التفكير خارج السياقات الّتي أثبتت فشلها: الحداثة.. اليسار.. الإسلاموية.. ؟؟
هل يملكون الجرأة لمحاورة خصومهم وأعدائهم بهدف توحيد الأمة.. لأنّ مشاريع الإمبريالية تستهدف كلّ الأمة شعوبا وثروات وقيم وهويّات ؟؟
هل يملكون الوعي بأنّ أساليب المعارضة الحالية وما يقومون به من نشاط تنويري عبر الإعلام والأحزاب والفايسبوك لا يمكنه إطلاقا تغيير مصير قرية صغيرة من ألف ساكن.. فما بالكم بأمّة عظيمة بملايين البشر؟؟
هل يملكون الوعي العميق أنّهم يدورون في حلقة عدميّة بائسة هندستها الإمبريالية ببراعة فائقة.. وأنّ الثورة الحقيقية تكمن في كسر الأغلال والأوهام والتّداعي جميعا من كل التيارات للتفكير سويّا في سبل رائدة لمقاومة الإنحطاط ؟؟
هل يمكنهم التخلّي عن أوهام الظّهور الإعلامي والمظاهرات البائسة في الشوارع والجامات الّتي لا تُسمنُ ولا تُغني من جوع.. ويفهموا أنّ تحرير الشعوب يمرّ حتما عبر تحرير النخبة من الوهم والخديعة الثقافية التي عاشوا في فخاخها كلّ هذا الزمن ؟؟
هل.. وهل… وهل…
طبعا.. يبدو لي أنّي كمن يتبوّل في الرمال.. ذلك أنّ العولمة قد آستحكمت في النفوس والعقول.. والاهمّ من ذلك أنّها صارت متحكّمة بأشرس من يتصوّرون أنهم أعدائها.
ختاما وبالفلاقي: التجمع سينتصر.. ومشاريع التقسيم -أكراد شيعة سنّة أمازيغ- ستنتصر.. والإمبريالية ستسحقنا جميعا.. ذلك أنّ رجالاتها يفكّرون ويخططون وينجزون في هدوء تام وواقعية راسخة.. وأمّا نخبتنا.. فيشعوذون ويتحاقدون ويتشاتمون..
هيّا فكّ عليّا توّا من السياسة.. وخلّوني نفكّر في سبيل للخلاص الفردي: الحب بوصفه طريقا للخلود السّعيد.
#بلادالشّعوذةنخبةوشعبا
#مالناغيركياالله

Exit mobile version