عبد القادر الونيسي
موسم التغزل بالنهضة انطلق مع الباجي الذي أثنى عليها بشكل فاجأها وثنى بالإشادة بعلي لعريض لكسب ود أكبر عدد من أنصار النهضة ثم خاصة توجيه لكمة في الوجه لحمة الهمامي ونزع صفة ريادة النضال عنه زمن الإستبداد ولسان حاله يقول من أنت أمام علي العريض.
المنافسة على أشدها في التقرب للنهضة هذه الأيام ليس حباً فيها ولكن صدور الأوامر العلية جعل الجميع يراجع حساباته. البداية كانت مع حزب آفاق ثم النداء ثم صاحب المفتاح. لن يبقى خارج موسم الهجرة نحو النهضة إلا الأحزاب الثورية التي بإنفصال النهضة عنها لم تعد شيئا مذكورا.
في شهر مارس الفائت أرسلت وكالة الإستخبارات المركزية مذكرة للإدارة الأمريكية تدعوها إلى إستثناء النهضة التونسية وحزب العدالة المغربي من قائمة الإسلام السياسي وإخضاعهما لمرحلة إختبار.
فهم بنكيران الرسالة وانسحب دون مقاومة عندما طلب الملك راسه للتدليل على حسن نية حركته واستعدادها للتأقلم مع الواقع الجديد.
قواعد اللعبة في تونس تغيرت استئصال النهضة لم يعد مفيدا بل ضرره أكبر من نفعه خاصة بعد التجربة البائسة في مصر.
الغرب تورط في مصر بتكلفة باهظة جدا مع نتائج كارثية: تغول الإرهاب والفساد. إنهيار الجنيه وإزدياد نسبة الفقر. تململ شديد في المنظمات الحقوقية، هجرة الأقليات الدينية، بداية غضب عند النخبة وخاصة وضع إجتماعي يهدد بالإنفجار ونظام ليس له جواب إلا العنف.
حدثني صديق مصري (غير متعاطف مع الإخوان) عن تضاعف الأسعار أربع مرات وإنتشار الجريمة وإنعدام الأمن مما ينبئ بنذر شر مستطير.
ضغطت الولايات المتحدة على فرنسا للقبول بالنهضة مبدئيا والعمل على تحجيمها وحصرها في الهامش كما هو حال عموم أحزاب أقصى اليمين في أوروبا ثم إخضاعها إلى تنازلات مؤلمة تهدف إلى تغيير النمط المجتمعي.
الغرب البراغماتي يدرك أن مشروعه في العالم الإسلامي لن يتحقق إلا بإخضاع الحركات المحافظة بالتي هي أحسن بعد أن جرب معها العنف ولم ينجح فاختار مبدئيا إستصحابها بدل المرور على جثتها وفي تونس ما يغري بذلك.
هل علينا أن نستسلم لقدرنا الأمريكي أم أن معركة المناورات والمفاوضات وحسن التسويق والتحالفات قد دقت ساعتها؟
فرنسا خرجت منهزمة ميدانيا في أعقاب الحرب العالمية الثانية لكنها انتصرت مع ديڨول على طاولة المفاوضات.
“وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ”
موسم الهجرة إلى النهضة

عبد القادر الونيسي