اللّبيب من الإشارة يفهم.. إلاّ حكوماتنا في تونس فلا هي لبيبة.. ولا هي تفهم..!!!

عبد اللّطيف درباله
بحسب أرقام رسميّة أعلنتها وزارة المالية في “نشريّة الدين العمومي” لشهر سبتمبر 2017.. فإنّ تونس أصبحت منذ شهر جويلية 2017 تخصّص 4.8 مليار دينار.. أي 4800 مليار من المليمات بلغتنا العاميّة.. وذلك لسداد أقساط القروض العامّة للدولة..
وتنقسم إلى 3.3 مليار دينار لخلاص أصول القروض..
و 1.5 مليار دولار لخلاص فوائض القروض..
أي نعم..
أصبحت تونس تدفع سنويّا حوالي 1500 مليار من الملّيمات (1.5 مليار دينار) فقط كفوائض للقروض الضخمة التي حصلت عليها..!!!
وبحسب نفس الأرقام فقد مرّ قائم الدين العمومي، بين 2016 و2017، من 5ر53 مليار دينار إلى 1ر63 مليار دينار..
وطبعا ينتظر أن يتجاوز ذلك الرقم 70 أو حتّى 75 مليار دينار سنة 2018 بالنظر إلى الحجم المتوقّع للعجز في الميزانية والتي ينبغي سدّها بقروض إضافيّة جديدة خلال السنة الماليّة القادمة..!!
ويعكس تزايد حجم القروض وضخامتها الفشل الاقتصادي المريع للحكومات المتعاقبة.. منذ عهد بن علي إلى ما بعد الثورة..
وإنّ تواصل هذا الفشل الذريع في غياب أيّ رؤية أو مشاريع اقتصادية واستثمارية ذكيّة ومعقولة للدولة.. ينذر بعواقب كارثيّة لبلد يفقد بسرعة قدرته على خلق الثروة ليغرق في دوامة العيش على ديون ستقصم ظهره مستقبلا بلا شكّ إذا واصل على هذا النسق في العجز وفي التداين.. حين تصل مبالغ خدمة الدين سنويّا إلى مستويات سيعجز عن الوفاء بها يوما ما قد لا يكون بعيدا..
والغريب أنّه ووفقا لمصادر خاصّة مطّلعة..
وبرغم الوضعية المالية الصعبة لتونس..
وبرغم تضخّم نسبة القروض ببلادنا..
وبرغم تخفيض التصنيف السيادي لتونس..
وفي الوقت الذي يربط صندوق النقد الدولي قروضه لبلادنا بشروط إصلاحات واملاءات..
فإنّ بلدانا ومنظمات وجهات أخرى عديدة لا تزال تعرض على تونس قروضا عديدة ومتنوّعة وبمبالغ ضخمة جدّا.. وذلك لتمويل مشاريع في مختلف المجالات تستغرق عادة سنوات طويلة لإنجازها.. على أن تخضع تلك المشاريع والتمويلات لتدخّل وإشراف تلك الجهات الأجنبية المموّلة تماما في دراسة واختيار وتوجيه وتنفيذ ومتابعة المشاريع.. بشكل يوحي برغبة تلك البلدان والمنظمات والجهات الأجنبية في إغراق البلاد بقروض ضخمة تمسّ مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والمالية والاجتماعية والثقافية والفلاحيّة والصناعيّة وغيرها في تونس.. ممّا يبقي لتلك الجهات الأجنبيّة اليد العليا على الوضع العام ببلادنا.. ويؤمّن تغلغلها الواسع والكامل في نسيج الدولة برمتّها..!!!
يحدث ذلك في وقت ترفض فيه عادة نفس تلك الجهات الأجنبيّة تمويل مشاريع تنموية واستثمارية كبرى من شأنها دفع الاقتصاد وخلق الثروة في تونس من جديد وتحقيق الأرباح..!!
بما يعكس بأنّ تلك البلدان لا ترغب حقيقة في تحسّن الوضع الاقتصادي والمالي في تونس.. بقدر ما تهدف إلى وضع بلادنا تحت سيطرتها الماليّة والسياسيّة من خلال القروض والتمويلات والتحكّم في مختلف القطاعات..
واللّبيب من الإشارة يفهم..
لكنّ حكوماتنا الفاشلة والعاجزة.. ومفتقدة الكفاءة والخبرة والمهارة.. وعديمة الرؤى والبرامج ومشاريع الدولة.. لا هي لبيبة.. ولا هي تفهم..!!!

Exit mobile version