رحل مهدي عاكف في سجنه رحيل الفرسان
عبد اللطيف علوي
“ألا إنّ لله رجالا كمن رأى أهل الجنّة في الجنّة مخلّدين”…
رحل مهدي عاكف في سجنه رحيل الفرسان، ولم يحن رأسه لكلاب الانقلاب ولم يشهد شهادة الزّور عن زمن الظّلم والظّلمات…
رحل الرّجل الّذي كان ممّن يعدّون لعمليات الجهاد في فلسطين وممّن أشرفوا على معسكرات الجهاد ضد الاحتلال الإنجليزي لمصر… لكنّه لم يقتله الصّهاينة ولم يقتله الانجليز… قتلته مصر…
رحل مهدي عاكف، مرشد الإخوان وسجين كلّ العصور…
الرجل الذي، سجنه الملك فاروق، وعبد الناصر والسادات ومبارك والسيسي.
رحل الرّجل الّذي لم يرحم المجرمون شيبته وظلّ حتّى آخر أيّامه يعاني من الإهمال داخل السّجن، وهو الشّيخ العييّ ذو التّسعين..
رحل فارس آخر، رحيل الكبار الكبار… الكبار الّذين لا يموتون، يرحلون وتبقى هاماتهم مرفوعة بين السّماء والأرض كالجبال، يعودون إلى ربّهم مقبلين غير مدبرين، وقد أدّوا شهادة الحقّ، أنّه لا عبوديّة إلاّ لله، ولا سلطان على الإنسان فوق سلطان الحقّ…
رحل مهدي عاكف الّذي عاش حرّا في السّجون، بينما يعيش قاتله عبدا ذليلا خزيّا مهينا في القصور.
طوبى لرجل يموت على ما مات عليه!
وعند الله يجتمع الخصوم.
إنّا لله وإنّا إليه راجعون!