يوميّات حاج تونسي (4)

إسماعيل بوسروال
موسم الحج 1438 هجري /2017 ميلادي
مفارقة ايام التشريق ورمي الجمرات
عاش الحجاج التونسيون موقفين متناقضين خلال ايام التشريق احدهما خبر سار اخصص له هذا المقال واخصص مقالا ثانيا للخبر السيء الذي يهم اداء البعثة التونسية.
نجحت السلطات السعودية في احكام اداء مناسك رمي جمرة العقبة الكبرى في اول ايام عيد الاضحى ثم رمي الجمرات الثلاث (الصغرى والوسطى والكبرى) خلال يومين بالنسبة للمتعجلين.
اتقنت السلطات السعودية الشكل الهندسي لمشعر منى حيث هيأت السلالم المتحركة لنقل الحجاج في فضاء واسع ليقوموا بالمناسك بيسر ودون ازدحام كما انها احكمت المسارات حيث تم تجنيب الحجيج السير في اتجاهات متعاكسة سببت مآسي كثيرة في مناسبات سابقة كما ربطت الصلة مع الدول الاسلامية لتنظيم اوقات رمي الجمرات لكل وفد، هذا بالاضافة الى احكام تنظيم حركة المرور للسيارات وللمترجلين مما ساعد على اداء المناسك في مستوى عال من الجودة التي تسعد الحجاج.
شكرا للمشرفين.
مخيم منى للحجاج التونسيين: محتشد اعتقال وليس اقامة “ضيوف الرحمان”
اقام الحجيج التونسيون في منى لرمي الجمرات ايام التشريق في المخيمات التي تحمل الترقيم التالي : 100 و 101 و 102 و 103 وهي قريبة نسبيا من المشاعر المقدسة ويمكن للحجاج التنقل مشيا على الاقدام وهذه هي الميزة الايجابية الوحيدة لهذه الاقامة لان السلبيات لا تحصى ولا تعد ولكن سنقتصر على اهم ما يقرب الصورة الى أذهان الناس.
1. حجاج بقوا خارج المخيم
سعة المخيمات التي تم اكتراؤها تسع 7500 فردا في حين ان عدد الحجيج رسميا هو 10.500 بالاضافة الى 200 تحولوا على الحساب الخاص ومن خارج تونس… مما جعل عددا مهما يبقى في العراء.
2. محتشد اعتقال
يتكون المخيم من “خيام متلاصقة” تضم الواحدة بين 150 و 200 شخصا في اوضاع مأساوية بائسة وكئيبة حيث تتلاصق الخيام وتتقابل وتتداخل… وتضيق الممرات الى عرض متر واحد يستخدمها الرجال والنساء.
لا انكر انني صدمت وانا في هذه المهزلة حيث استغرب كيف تسمح السلطات السعودية للمستثمر ان ينجز “محتشد اعتقال” ويسوغه للحجاج… كما استغرب من السلطات التونسية ان تسمح لشركة الخدمات بالتعامل المهين للكرامة لتضع الحجيج في “معتقل” شبيه بغوانتنامو بل انني وانا اتامل ماساة الحجاج في ذلك المخيم واستحضر محتشد اعتقال البوسنيين في سيريبرينتشا اثناء حروب البلقان… تذكرت ايضا مخيمات اللجوء الفلسطينية في الشتات.
كانت المياه المستعملة تسيل في ازقة المخيم الضيقة القذرة وتنشر الاوساخ عبر الاحذية والاقدام في مل الارجاء… اما بيوت الراحة فتعود الى عصور ما قبل الحداثة شكلا وهندسة وتقنية حيث تغيب كل المواصفات الصحية التي ندرسها لتلاميذ المرحلة الابتدالية… يعلو الصدا اجزاءها الحديدية وينخر التلف اجزاءها الخشبية فتنشر البؤس والكآبة على وجوه الفت الرفاهة وتتمسك بقواعد النظافة وتحرص على كرامتها.
ليس مستغربا ان تنتشر الاوبئة في مثل هذه الاوضاع الكارثية التي يتم فيها التلاعب بحياة الناس وبصحتهم النفسية والبدنية.
و ان وضعا كما وصفت يتطلب من مجلس نواب الشعب مساءلة وزير الشؤون الدينية من جهة وتخصيص لجنة تدقيق مالي واداري لشركة الخدمات واجراء “حساب عسير” لكل من تهاون في حق المواطن الحاج التونسي واستخدم الدين لاغراض تجارية. (هذه ليست لغة اليسار المضروبة بل مطابقة الاوصاف للأفعال) .
كما ان مخيم منى شهد فوضى عارمة اثناء المغادرة الى مكة… سنخصص لها مقالا.

Exit mobile version