السبت 28 يونيو 2025
نور الدين الغيلوفي
نور الدين الغيلوفي

رأي في اليسار…

نور الدين الغيلوفي
اليسار في تونس ليس جديدا على الحياة السياسية بل هو قديم قدم الحركة الوطنيّة التونسية التي تصدّت للاستعمار الفرنسيّ وناضلت من أجل العدالة الاجتماعيّة.. وهو ليس يسارا واحدا.. بل تصل تناقضات بعضه مع بعض إلى درجة الاحتراب.. وليس يجمع بين فرقاء اليسار سوى لحظة عدوان على خصوم لهم في صالحهم أن تطول حتّى يستمرّ الاتحاد بينهم وبين من كان قريبا منهم.. هو اتّحاد على قاعدة العدوان.
يستطيع اليسار التونسيّ أن يكون مفيدا للبلاد وأن يساعد على تحقيق أهداف الثورة من حريّة وعدالة اجتماعية وكرامة وطنية، وذلك في حال تمكّن من النزول من برجه العاجيّ والتخلّي عن نخبويته التي أورثته احتقار الشعب وثقافته بدعاوى لا دليل عليها من الواقع، وذلك بـــــــ:
ضبط أولويّاته وتحديد علاقاته بعيدا عن خطاب الكراهية والتحريض والتخوين.
تجاوز كسله الفكري حتّى يتمكّن من تحيين أفكاره من أجل تجاوز تحجّره الأصوليّ وحتّى يتمكّن من العبور إلى اللحظة التاريخية الراهنة بأدوات تحليل مختلفة عمّا ورثه من ترجمات متراكبة عتيقة ما عادت تجدي.
فهم أنّ المادّية التاريخية ليست مشتقّا لنظريات الإلحاد المختلفة وإنما هي علم التاريخ الذي يسبر أعماق الحركة التاريخية بالاعتماد على قوانين علمية.. وأنّ الماركسية إنّما هي فلسفة الطبقة العاملة لا “الطبقة” الملحدة، وموقفها من الإنسان في مجتمع محدّد محكوم بموقعه الطبقيّ، وهي تدافع عنه حتّى إن كان غارقا إلى أذنيه في الإيديولوجيا الدينية.. إذ أن المعركة الطبقية لا تدور بين مؤمنين وملاحدة، بل بين أغنياء وفقراء، بين مستغِلّين مستغَلّين، أي أنها معركة اقتصادية في جوهرها… (د.صبري حافظ: الماركسية والدين).
تجاوز عدوانيته اللامبرَّرة ضدّ جهات متعدّدة يرى فيها نقيضا وجوديّا له.. فالعدوانية تهدم الأوطان ولا تبنيها وتهدر من زمن المجتمع ما يضيع عليه إمكان النهوض.
تحقيق المصالحة مع شرائح واسعة من الشعب التونسي والاقتراب من المزاج الوطنيّ العامّ على الصعيد الثقافيّ خاصّة.
التخلّي عن منطق الاستعلاء الذي يأتيه من وهم امتلاك الحقيقة واحتكار المعرفة والعلميّة.
تجنّب التذاكي الذي يجعل منه مزدوج الخطاب عندما يزعم أنّه يحترم الإسلام ولا يعادي غير الإسلام السياسيّ.
تحديد هويّة سياسيّة له بالإيجاب لا بالنفي.. فليس يكفيه مناقضة التيار الإسلاميّ ليثبت ذاته على أنقاضه.. فالماركسية لم تأت لمحاربة الأديان بل لتحرير الإنسان.
العودة إلى منطق التاريخ والوثوق بقوانينه.. فطالما أنّه يرى في الإسلاميين رجعيين لا ينتمون للحاضر ولا المستقبل فليعدّ العدّة لتجاوزهم وتجاوز اللحظة الماضوية التي يمثّلونها بالعلم والعمل لا بالصراخ والتآمر مع القاصي والداني لأجل الإطاحة بهم على حساب الحرية والنزاهة والوضوح.. التاريخ يتقدّم ولا يرضى بمن يلتفت إلى الوراء.. ولن يسير في ركابه غير من كان موافقا لشروط التقدّم.


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

نور الدين الغيلوفي

ليس لنا حلّ غير الالتقاء

نور الدين الغيلوفي نقطتان ألحّتا عليّ اليوم 1. لست حزينا ولا متشائما. لا أميل إلى …

نور الدين الغيلوفي

قال لي الفيلسوف عن الكتلة التاريخية

نور الدين الغيلوفي سألتُ الفيلسوف، – أما زلت تؤمن بالمشترك وتنادي بالكتلة التاريخية؟ فأجابني: – …

اترك تعليق