انتهى الأمر… خلّيك حقوقي يا دكتور
عايدة بن كريّم
ذات حكم ترويكا… كان الدكتور منصف المرزوقي في أعلى هرم السلطة، سكن قصر قرطاج و”جلب” إلى الديوان الرئاسي من شاء من أصدقائه وأتباعه ومُريديه ومعارفه. و”الجلبة” كان فيها الغثّ والسمين.
تربّع على قمّة الهرم والثورة في لحظاتها الأولى… ووضعوا بين يديه مفاتيح الأرشيف وشفرات الخزائن التي تكدّست بداخلها الملفّات… وكان يُفترض أن يكون سندا للنهضة وأن تكون النهضة جدارا يحتمي به، كلاهما رخّ ليسقط الآخر فسقطت استحقاقات الثورة وتبخّرت احلام الشباب.
ذات انتخابات “ننتصر أو ننتصر”… قفز إلى شرفة مكتبه بمقرّ الحملة وأعلن أنّه لن يطعن في نتائج الإنتخابات وانّه قبل بالنتيجة (الهزيمة المُركّبة) وأهدى التباريك للباجي وسط الحشود التي جاءت لمُساندته وكانت طامعة في قرار يرجّع الإرادة إلى تفاؤلها ويضع حدّا لتشاؤم العقل الذي فرضه إعتصام الروز بالفاكية… لكنّ ولد الشعب اكتفى بالصمت المُذلّ واحتكر صناعة القرار وقال أنّ لديه اكتشاف جديد اسمه “حراك شعب المواطنين”…
خيّب حُلم الناس الي “جاووه بلاش فلوس” وساندوه “لا خوف ولا طميعة”… وكانوا ينتظرون منه أن يُسجّل موقفا للتاريخ… لكن يبدو أنّ غُرفة العمليات وصلتها تعليمات من المسئول الكبير باش “يوفى الحديث”… وانصاع المرزوقي للأوامر واستجاب لقرار الرجل الكبير.
طالبه الناس إليّ “جاووه بلاش فلوس” وحلموا بأنّ شعار “لا خوف ولا رعب والحكم بيد الشعب” ممكن أن يتحوّل إلى واقع باش يعمل تقييم للوقوف على الثغرات داخل الحملة… الناس حبّت تعرف شكون خان وشكون غدر وشكون انقلب في آخر لحظة… لكنه أبى وركب رأسه واتهم حركة النهضة وحمّلها مسئولية الفشل. وفوّت فرصة إرساء تقاليد جديدة في الممارسة الديمقراطية. وجعل من التزوير أمرا واقعا وخيارا لا هروب منه.
قال عملنا “حراك شعب المواطنين” وسنُغيّر قواعد الممارسة السياسية ورفع شعار التشبيب والتأنيث وأولاد الحفيانة… لكنه كعادته انقلب على كلّ شيء: على أنصاره وعلى شعارات حملته الانتخابية وعلى من اخترع فكرة “الحراك” وعلى من بنى معه مشروع “شعب المواطنين”… واستسلم للرجل الكبير ولمُخبريه… ومن حينك ركّبوه في “تراكس” وقالوا له إلى الأمام سِرْ ولم يكن من العاكسين هدّ كلّ “الرمزيات” وحرق كلّ “الحصون” وتنكّر لكلّ “جميل”… لم يبقى إلاّ جنون السلطة وهوس العودة إلى قصر قرطاج.
فاتتك ليلة الدخول يا مهبول… لو كان النهضة يقتلوا فيها عرق بعد عرق أنت انتحرت وانتهى الأمر… خلّيك حقوقي يا دكتور.