كيف تصنع ديكتاتورا في أربعة أيام

كمال الشارني
ابدأ بالبحث عن أنذل ما في الإعلام، هي عناصر لها دائما استعداد غير مشروط لخدمة طاغية والبحث عن سيد، مقابل أي شيء، حتى مجرد الظهور، أعد فيهم قائمة اسمية مفتوحة لمن سيأتون به، لا تنس أيضا إعداد قائمة في الصحفيين الأشرار، الذين ستعاديهم وتغلق عليهم باب السماء، لأنهم يعارضونك.
ابحث عن السياسيين الفاسدين واعرض عليهم الخدمة مقابل الحماية، لا تعلن ذلك علنا، بل أدرجه وسط إجراء عام، لكي تغري من يتظاهرون بالشرف بالتقرب إليك، الهدف من هؤلاء هو مساهمتهم في خلق حالة فزع مستمرة يظهرونك فيها منقذا، براعتهم ستكون في إظهار الوضع السيئ الذي يعيشه الناس على أنه أفضل من وضع أكثر سوءا يتم اختراعه أو صنعه، للقبول بك منقذا، مقابل تنازلات في الحرية والحقوق العامة.
تذكر أن أهم قوة في الدول المتخلفة هي الشرطة، أستجب لكل مطالبهم حتى العبثية منها، اعطهم كل مطالبهم بدئا بالزيادات في الأجور وصولا إلى الحماية من المساءلة، واجعلهم يفهمون أن سلامتهم أفرادا من المساءلة ومجموعات مرتبطة بك، وليست بالعدالة، جزء مهم منهم سيقترفون كل الفظاعات لأجلك.
لا تنس أن القضاء سلطة، لكن عليك أن لا تستسلم لخزعبلات استقلاله، تذكر أنه لا يمكن شراء ذمة قاض إلا بأجر وزير أو أكثر، أرسل أكثرهم قذارة في سفارات مع امتيازات خاصة، افتح لهم أبواب التعيينات في مسؤوليات تفوق أجر وزير مع ضمان الحماية، ثم سلط عليه الشرطة للبحث في الحياة الخاصة لكل فرد منهم، ساومهم بأسرارهم وتواريخهم، ثم افتح أمامهم أبواب المنافع العمومية والخاصة، فرق شملهم بفتح باب الترقيات والتعيينات والمنح، لكي تصنع جيلا من القضاة النافذين الموالين لك.
ويبقى في النهاية أن أكبر حكمة تاريخية يجب أن يحفظها الطاغية الحديث هي صنع الرعب للناس لتوحيدهم، ولكي يتذكروا تلك المقولة الشهيرة: “ستون ليلة مع سلطان جائر خير من ليلة واحدة بلا سلطان”، إنما الستون ليلة قد تكون ستون شهرا، والله أعلم.

Exit mobile version