برنامج الحكومة يتطلب خمسة سنوات لإنجازه والطبقة الوسطى والفقيرة ستدفع الفاتورة
محمد صادق جبنون
ما تبقى من المدة النيابية خارج العطل والتعطيلات في حدود 20 شهر، هذا البرنامج يتطلب خمسة سنوات وإنجاز يومي وموافقة النقابة لأن مع ما ستجود به ميزانية 2018 من ضرائب وإتاوات جديدة مع آثار إنحدار الدينار المتواصل ستدفع الطبقة الوسطى والفقيرة الفاتورة.
إستيعاب قطاع الصرف وتحريره داخليا إيجابي ويجعل تونس ترجع في السباق أمام المغرب الذي تقدم اشواطا هامة وأصبح اللاعب الرئيسي في سوق الفسفاط.
الخطر الرئيسي هو التضارب وتكرر المهام داخل الحكومة بين أحزاب متعايشة وليست متوافقة (النهضة والنداء) وتتربص ببعضها البعض في غياب مصالحة حقيقية ونهائية، وزارات ووزارات مضادة: كتابة للدبلوماسية الاقتصادية ووزارة تنمية وتعاون دولي، ملف إقتصادي مشتت بوزراء كان مردودهم دون المتوسط على أقل تقدير والمحك هو إستخلاص الجباية دون إجحاف ولما لا التوجه إلى تخفيض الضغط الجبائي بصفة متوازية مع تعافي الميزانية (أسلوب ميركال).
عودة الثقة للمستثمر تتطلب إشارات قوية في إطار يجهض فيه 600 مشروع بسبب البيروقراطية وصعوبة التمويل.
النظام السياسي المركب الحالي اشبه ما يكون بالجمهورية الأولى الإيطالية مع مراعاة الفرق الكبير في مستوى قوة وصلابة الاقتصاديات ولا يمكن لحكومة أن تنجح إلا إذا كان لديها السند السياسي القوي وأغلبية واضحة بـ 51% يتحمل الحزب الفائز فيها مصيره أمام الناخب نجاحا أو فشلا.
نسبة 5% نمو في سنة 2020 لن تعني الكثير فهذه النسبة بعيدة عن توازن الوضع الحالي الذي يقدر بـ 7% للحفاظ على مستوى البطالة الحالي.
سنة 2018 تعهد الخطاب بالحد من العجز لكن هل يحصل ذلك بعجز تجاري كارثي تلكأ الوزراء المكلفون (بقطع النظر عن إنتمائهم فالمسؤولية الحكومية جماعية تقع على الائتلاف كله) وفي نفس الوقت يطالب إتحاد الشغل بزيادة مستحقة في الأجور نظرا لتدهور المقدرة الشرائية وتغول التضخم، وفي نفس الوقت تحدثت رسائل النوايا عن تجميد الانتدابات إلى حدود 2020.
تناقض لن يعجب صندوق النقد.
محطات الحكومة الحقيقية الحينية هي:
1. قانون المالية الذي عليه تجنب الاجحاف الجبائي والمجبى ويتخلى عن سياسة الخراب Go and stop التي إلتاعت منها فرنسا في حكومة بيار موروا Pierre Mauroy .
2. قرار صندوق النقد حول القسط الثالث المنتظر في أواخر أكتوبر 2017.
ما يمكن فعله في 20 شهرا على إعتبار أن الأجل الدستوري للإنتخابات العامة هو 2019، يتركز اساسا على إستقرار المالية العمومية عبر ترشيد النفقات ومحاربة الفساد بجدية أكثر وخاصة إلغاء العراقيل القانونية والإدارية أمام الاستثمار وبالتالي التشغيل.
مهمة على القائم بها أن يقترب أكثر من شخصية ماريو مونتي Mario Monti الذي عدل ساعة إيطاليا ماليا على حساب مستقبله السياسي وهو حال كل من قام بمثل هذا الإصلاح الأقرب إلى مناورة سفينة تائهة في إعصار إيرما وصاحب السفينة يأنب القبطان عوض تشجيعه.
الشراكة بين القطاع العام والخاص لا تكون ناجحة إلا إذا تخلصت من العراقيل وكانت تنافسية جاذبة للقطاع الخاص التونسي والأجنبي غير ذلك سيبقى إعلان نوايا في إنتظار التحوير المقبل.
من عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الحكومة أن تستلهم إستشرافه حين أنشا بيت مال المسلمين ومن عبد الملك بن مروان السيادة الاقتصادية حين سك (اطلق العبارة تقنية من دار السكة) أول دينار عربي إسلامي في مواجهة هيمنة بيزنطة الاقتصادية. ومن قال أن التاريخ لا يعيد نفسه في الاقتصاد والسياسة أيضا.
أخيرا نجاح تونس حيوي وارجو أن ينطلق من الآن بعيدا عن السجال السياسي العقيم.