طقوسيّة بائسة
زهير إسماعيل
صار المشهد في مجلس النواب مألوفا حدّ القرف، ولا سيّما مع كل جلسة منح ثقة، فلا علامة تدلّ على جديد، ولا أمل في مفاجأة، حالة لم ينفع معها كثافة الوجوه التجمعيّة من المفروض أن تذكّر، بحكومتي الغنوشي في 2011 التي تشكّلت من وزراء بن علي، وأرض البلدات المنتفضة ماتزال نديّة بدماء الشهداء.
حتّى الحكومة وهي تُقدّم “برنامجها”، اليوم، لم تعد تتوقّع “غصرة” أو “موقفا مُربكا”، فكلّ ما سيقال قد قيل، وتشعر بمرارة أنّها في سياق “موقف روتيني”، ولا إمكانية لفجعة أو محاصرة، فالمشهد لا يخرج عن :
• رئيس حكومة عييّ “يزهمل في رأسه”، علاقته بالتسيّس ضعيفة، ولا تتجاوز مسيرته النضاليّة “ثلاثة أشهر حزب جمهوري” هذا الرئيس أصبح في وقت قياسي “مسردك”، ويزاوج بين قراءة “نص تونسيّ” بطلاقة وأريحية كبيرتين، وملخّص حديثه: توجد صعوبات وسنعمل على تجاوزها. وهو يكرّر كلام من سبقه، والازمة المالية الاقتصاديّة في تفاقم يبدو أنّه لن يتوقّف إلا عند الإفلاس.
• مساند للحكومة ركيك، على الطريقة التجمعيّة ولو وفّر جهد كلامه لكان أفضل للحكومة نفسها. وفي كلّ الحالات لا يخرج “مدّان وجهه” في البرلمان عن أثر “الرسوم المسيئة”.
• موقف تعيس هو ثالث غير مرفوع، يكثّف أحطّ منازل “الذل السياسي” سرعان ما يخرج بك عن مجال التقدير السياسي إلى وضع ما تتركه الهجنة من مشاعر ماسطة يصعب تعيينها.
• موقف نواب المعارضة، بوجوههم المألوفة، وصار ابتداع كلمات أو حركات يحققون بها “البوز” على أمل أن تتداولها بعض الإذاعات، أهمّ من مناقشة ما تتقدّم به الحكومة. وصارت بعض الوجوه المعروفة بصولاتها، ونجاحها في تحريك غرائز الجمهور الشقيّ تخشى ألاّ تجد العبارات الملائمة بعد أن استفرغت جهدها في تقليب كل ما يليق بالحكومة من نعوت.
يذكرني هؤلاء النواب بالنائحات المحترفات، فقد كنّ يأتين بشّار الشاعر ليجدّد لهنّ “مقطوعات النواح”، بعد أن اهترأت المقطوعات القديمة من كثرة ترديدها، ولم تعد تثير التفجع المطلوب في “طقوس النُدْبة” و”مهرجانات العويل”.
لن يجدّد مجازات اللغة السياسية وصورها إلاّ تعبيرات الحقيقة الاجتماعيّة في عنفوان جديد مرتقب.