كمال الشارني
أتيح لي بحكم المهنة أن أطلع على بعض “منافع العمل” في بعض المؤسسات المفلسة التي تملكها الدولة، حيث يحصل “عمي الراجل” على أجور 18 شهرا كل 12 شهرا، ومنحة الإنتاج في مؤسسة لا تنتج شيئا سوى المزيد من الديون والخسائر والفوضى، والكثير من المنافع المالية التي ما تزال حلما في سويسرا والنرويج، وخصوصا أن تحصل على كل تلك المنافع وتشتغل في مكان آخر، ولا تظهر في المؤسسة العمومية الهجالة التي بلا ذيل، فينش عنها الله وحده الذباب إلا عند موعد تسليم كرنيات المطعم القابلة للبيع والمساومة في المحلات التجارية الكبرى وأذون البنزين للمتنفذين بلا مهمة.
آخر ما حدث لي هو عراك وتبادل للسباب والشتائم مع مجموعة موظفين في وزارة يريدون نصيبا مسبقا في منحة أممية سترصد للدولة التونسية لتمويل دراسة اجتماعية (لم يكن الطرابلسية يفعلون ذلك)، وقبلها شن عليّ جماعة في الأملاك العقارية حربا كلامية (جاب ربي) لأني انتقدت مطلبهم في الحصول على نسبة مما يحصلونه للدولة من ضرائب مالية على العقارات، قال لي أكثرهم أدبا “ياخي نقتل روحي لأجل الدولة بلاش ؟ لازم نسبة من المداخيل للتحفيز”، أوكي حبيبي تريد كومسيون على عملك ؟، وقبل أن تولد أنت، ثار علي بن غذاهم حاملا معه قبائل تونس لأن دولة البايات باعت وسمسرت في الضرائب وأعطتها إلى جنرالاتها الذين كانوا في الأصل غلمان غرف حب محرم تحولوا إلى سفاحين، في معادلة جنهمية: أعطني مليون ريال عن عمالة الكاف، والباقي حلال عليك”، إنما هو حرام في الإنسانية، لأن غلمان دولة البايات كانوا يحصلون من دماء الشعب أضعاف ذلك، إنما انتهوا كلهم إلى الهلاك المبكر، وفي أحيان كثيرة، على أيدي غلمان آخرين، أكثر جنونا منهم، اقرأوا تاريخ الباي مراد بو بالة، للتوضيح، البالة: سيف تركي واسع النصل.