هل أصبحت السعودية بين المطرقة والسندان ؟ ولمصلحة من تجاهل الحل الجذري لإنقاذ البلاد والمنطقة ؟
أنور الغربي
في اطار الضغوطات على السعودية وابتزازها أكثر يتم التركيز هذه الأيام في الولايات المتحدة الأمريكية على دور الحكومة والدولة والعائلة السعودية في هجمات 11-9 وهذا يسهل ابتزاز البلد الغني بالثروات والذي أصبح محاصر اقليميا وجاهز لتنازلات مؤلمة لتفادي التقسيم او ضياع الحكم أو على الأقل هذا ما تحاول ادارة ترامب الإيحاء به. بالأمس كتبت صحيفة “نيويورك بوست” إن أدلة جديدة مقدمة في إحدى القضايا الرئيسية التي وقعت في 11 سبتمبر / أيلول ضد الحكومة السعودية كشفت أن سفارتها في واشنطن قد تكون مولت “عملية” من عمليات الخطف التي قام بها سعوديان، في 11 أيلول/ سبتمبر.
وبدأت التسريبات حول التحقيقات بتضخيم الدور المحتمل للعائلة السعودية في الهجمات لإرباك صانع القرار في البلاد الذي أصبح عليه دفع تعويضات مؤلمة منها مئات المليارات الجديدة في شكل تعويضات لأسر حوالى 1400 ضحية لقوا مصرعهم فى الهجمات و”استثمارات” في الولايات المتحدة والمساهمة بفعالية في إعادة بناء ما دمرته الأعاصير اضافة لتنازلات أخرى تشمل تطبيع العلاقات مع اسرائيل.
كتبنا منذ سنوات عن المخططات لعزل الدول الخليجية الغنية وخاصة العربية السعودية والإمارات واليوم يؤكد الوضع الداخلي لكلا البلدين وكذلك الوضع الإقليمي ما ذهبنا اليه. التركيبة السكانية وتعقد الملفات المرتبطة بحقوق الإنسان والأقليات وحقوق المرأة والطفل والمشاركة السياسية في ادارة الشأن العام وحرية الاعلام والقضاء وغيرها جعلت البلدين تحت رحمة تقارير المنظمات الدولية والآليات الأممية بعدما خرجت من سيطرة صانع القرار في البلدين وسوف يتعرض البلدان للمساءلة الأممية في عدة ملفات خلال هذه السنة والسنة المقبلة.
اليوم يكفي مراجعة قوائم أسماء الشخصيات الدولية التي تقيم في أبو ظبي ودبي ولها أدوار متقدمة في صناعة القرار السياسي في الامارات لفهم ما يجري وما هو مطلوب من العربية السعودية ودول الخليج عموما.
في مثل هذا اليوم منذ أربع سنوات انعقد الاجتماع الاقليمي لبحث موضوع الإرهاب وسبل مكافحة التنظيمات المتطرفة مثل “داعش” والذي جاء أياما قليلة بعد قمة حلف الناتو التي أعلنت إنشاء تحالف دولي لمحاربة الإرهاب وبعدما بدأت الولايات المتحدة فعليا بقصف مواقع “لداعش” في الموصل وغيرها. نتساءل من جديد عن نتائج ذلك الاجتماع الذي وعد بنتائج ملموسة خلال أشهر؟
لعله من المهم التذكير بالأوضاع الإقليمية المعقدة والتي زادها تعقيدا دخول تنظيمات دموية تسيء لثورات الشعوب والدين الاسلامي في ان واحد مما يجعلنا نطرح السؤال مرة أخرى من المستفيد ومن يمول ومن يدعم هذه الجماعات التكفيرية ؟ وكنا نتابع كغيرنا الخطوات المتبعة وكنا نطرح الأسئلة وقتها هل أن ذلك التحالف سوف يخدم قضايا العرب والمسلمين أو هو فقط لخدمة الأجندة الأمريكية في المنطقة خاصة وهي المتهم الرئيسي بتدمير أفغانستان وتفتيت العراق والصومال ودعم الة الحرب الاسرائيلية. واليوم تعمل على اعادة صياغة المناهج التعليمية والثقافية والدينية في المنطقة.
تقف ايران التي تدعي ادارة ترامب عزلها كلاعب وفاعل رئيسي في المنطقة بعدما تمكنت من ربط علاقات قوية بكل دول الخليج باستثناء حكومتي السعودية والبحرين وجعلت حكومات سوريا والعراق واليمن وجزء من لبنان تابعيها لقرارها السياسي ولأجندتها في المنطقة.
وجاءت الأزمة الخليجية لتزيد من قوة الحضور الاقتصادي والسياسي الإيراني وهو ما يعني عبثية محاولة مواجهتها من دول اقليمية. وأما العمل على دفع السعودية لمواجهة مع ايران هو من باب تفتيت المفتت وتقسيم المقسم ليسهل السيطرة على الجميع.
تأتي ذكرى 11-9 وقد تم كشف تقارير كثيرة تثبت تورط جورج بوش وتوني بلار في جرائم الحرب بحق الشعب العراقي وتدمير البلاد وتؤكد التقارير الموثقة مرة بأن “داعش” وأخواتها صنيعة بيئة غير عربية ولا اسلامية ولكن الغريب أن يتم تجاهل كل ذلك من المتضررين والضحايا حيث زادت قوة التنظيمات الدموية وتتم مكافأة توني بلير من خلال حمايته وتعيينه مستشارا لدى الإماراتيين ويعهد اليه دور اعادة “هيكلة” الاقتصاد المصري واليوم نرى بعد مرور سنة من هذا التعيين نتائج تلك الخطوات على الشعب المصري واقتصاده.
وأما جورج بوش فيدرك أن خروجه من الولايات المتحدة يحتوي على مخاطر كبيرة وهو يعتبر “محاصر” ولا يتمتع بحرية الحركة والتنقل خارج الولايات المتحدة. ولكن مع ذلك يتم تناسي كل هذه الحقائق ويتم التركيز مجددا على دور السعودية والإمارات ومصر باعتبار أن المهاجمين كانوا يحملون جنسية هذه البلدان بحسب التقارير الأمريكية.
لا نرى من حل أمام بلدان الخليج والمنطقة العربية عموما خارج الآليات والدوائر والتكتلات الطبيعية من مصالحات داخلية وثنائية وإقليمية وهو الأمل الوحيد لمحاصرة المنظمات التكفيرية دون المساس بحق شعوب المنطقة في الحرية والعدالة ألاجتماعية وهذا سيحمي الحكومات الخليجية ويدعمها داخليا أمام سطوة وتسلط القوى الأجنبية على القرار وتخوفنا هو أن يكون البديل ما ذهبت اليه نتيجة الأبحاث والدراسات الأمريكية القائلة بتفتت النظم الغير ديمقراطية الى دويلات وولاءات جديدة.