لا أريد أن أشبه حمة

لسعد بوعزيزي
ما هي الشخصية التي تشبهك ؟ أردت ككل من اعترضتهم هذه العملية على هذا الفضاء أن أرى من أشبه برغم يقيني أنها مجرد لعبة وايماني أني لا أريد أن اشبه احدا أنا أشبه لسعد فقط، كانت النتيجة أني أشبه حمة.. تملكني التقيؤ والتقزز، وراودني احساس أني أكره نفسي فأنا لا أريد أن أشبه هذا الرجل بالذات وان كانت مجرد لعبة…
عادت بي الذاكرة الى سجن الهوارب سنة 1995 وكان محمد الكيلاني سريره يلاصق سريري، في السجن سأعرف الرجل جيدا فهو منظر حزب العمال ومؤلف كل أدبياته وهو الذي أسس مع حمة الهمامي حزب العمال.. كنت أحمل فكرة عداء له قبل أن ألتقيه فقد كان في ذهني انه هو من كان وراء سجني، وللتذكير فقد تحركت بعض الجامعات في أكتوبر 1994 في سوسة القيروان و 9 افريل، وكان هناك خلاف حاد داخل اتحاد الطلبة بين مجموعة الكيلاني “الكتلة” وبين مجموعة حمة الهمامي وكنت انذاك لا أتبع أحدا، سوى ان بعضا من رجولتي هي من حركتني، علمت في سجن سوسة قبل أن احول الى الهوارب وكنت قد التقيت المرحوم الطاهر قرقورة هناك، حيث أعلمني أن السلطة لم تكن لتقوم بسجننا لو لم يتبرأ نوفل الزيادي من احتجاجاتنا، وهو المحسوب أنذاك على الكيلاني، في اجتماع عام بـ “الكومبيس” رأتها السلطة فرصة لضربنا واعتقالنا باعتبار تبرؤ اتحاد العام لطلبة تونس منا..
روى الكيلاني الكثير الكثير لي عن حمة ليبرئ نفسه، ومن جملة ما ذكره لي علاقته بكمال لطيف، كنت لا أعرف هذا الاسم، هذا الرجل الذي كان في تلك السنوات يغدق على حمة، ومما روى لي الكيلاني أنه كان في “السرية” ولم يكن يتحوز على فرنك ليأكل رغيف، قصد منزل حمة، طرق الباب، أدخلته راضية، فوجد أوراق نقدية كثيرة على الطاولة من فئة خمس دنانير وعشرة.. تحدث معه كثيرا وخرج الكيلاني من عنده وكان حذاءه مهترئا جدا ولم يمكنه حمة رفيق نضاله حتى من ورقة بـ 5 دنانير..
كثير من الأحداث قد تتطلب أوراقا وأوراقا لا أستطيع روايتها الآن، خرجنا من السجون وعدنا مرات وبدأنا نفهم شيئا فشيئا من هذا ومن ذاك…
سامحك الله يا رؤوف العيادي، فمسيرتك النضالية كانت رائعة جدا ولم تشبها أية شائبة.. خطأك الوحيد أنك أنت من استقطبت حمة الهمامي والكيلاني في السبعينات وأشرفت عليهما في خلية، ولكني لن أقول أنك أسأت التربية، بل أنك لم تحسن الاختيار، فقد زرعت في الساحة أسوء ما حملت..
ولا زال أحد الذين درس مع حمة في الكلية “شعبة عربية” كلماته ترن في أذني وهو يقول لي كنا نعرف حمة “درويش” يأتي الى اخر القاعة وكان يحفظ كثيرا من أغاني الدراويش فيأخذ في التطبيل على الطاولة التي يجلس عليها وينشد ما يحفظ لسيدي فلان… ونحن نتضاحك…

Exit mobile version