الأمين البوعزيزي
صبيحة السبت في سيدي بوزيد لها طعم خاص؛ موعد السوق الأسبوعي في مدينة أحبها كثيرا و”أكرهها” كثيرا.
مدينة إشتهر ساكنتها بالتضحيات الجسام كلما تعلق الأمر بالوطن؛ واشتهروا بخذلان أنفسهم بلا حدود!!!
مدينة محمّلة بذاكرة القبائل وتفتقر جدا لذاكرة المشترك المديني. مدينة نشأت بقرار كولونيالي عقابا لجارتها الصدّاقية آخر حواضر بلاد قمودة أو تاقموتا. ساعة قرر الجيش الفرنسي تفكيكها عقابا لها. لقد كان سوقها الأسبوعي ملتقى لقبائل الهمامة وجلاص وماجر والفراشيش الذين قادوا معارك التصدي للإحتلال الفرنسي عامي 1881 و 1882.
اندثرت القبائل وبقي عقلها الانقسامي!!!
أحب سوقها الأسبوعي لأنه تجمع بشري صخم تكرهه السلطات وتخافه… 17 ديسمبر كان يوم جمعة؛ في اليوم الموالي تحول من مأساة فردية إلى مأساة جماعية في يوم السوق الذي أيقظ ذاكرة القبائل المجروحة منذ عقود..
طوّلت عليكم بالحكايات؛ لنعد إلى موضوع التدوينة:
• في السنين الأول التي أعقبت رحيل صانع جريمة السابع كان يستوقفني العشرات ارى في أعينهم حلما يكبر…
• بعيد ديسمبر 2014 أصبحت أسمع سبابا متعمدا لمحمد البوعزيزي رحمه الله من قوادين ظلوا لأشهر طويلة يلبسون النقاب ويسدلون اللحي تنكرا وخوفا ووجدوا في الباجي وعياله فرصة للظهور. كنت كلما سمعت نباحهم الاستفزازي أبتسم ولسان حالي يردد إنهم مازالوا يتألمون وعودتهم للسلطة شكلية لم تشف جرحهم.
• هذا الصباح استوقفني كثيرون لكن بوجه آخر؛ حيرة وقلق في علاقة بتعيين طحانة بنعلي وزراء في حكومة السبسي وعياله.
كان جوابي:
زمن الاستبداد كان مفهوما خوف الناس واحجامهم عن المقاومة. أما اليوم فلا مبرر وحق الثورة ممهور في دستوركم… اليوم أنتم من يحق له وصم الحكام بالخارجين عن القانون الموجود ولا يريدونه أن يسود…
أحدهم سألني عن سر إنهيار قادة كل الأحزاب في حضن السلطة!!!
أجبت:
خذها مني معلومة وليس تحليلا؛ ما سمي بالكتاب الأسود الذي أصدرته مؤسسة الرئاسة زمن الترويكا حدثكم فقط عن جرائم وفضائح القوادين… ماذا لو أطلعكم عما كان يفعله هؤلاء الزعماء؟؟؟
صمتهم وانهيارهم يا عزيزي؛ لأن أرشيفهم في مؤسسة الرئاسة عند السبسي اليوم.
مثلما انطلقت ثورتكم من خارج تنظيمات هؤلاء الزعماء فلن ينقذ شرفها اليوم إلا مناضلين لا يملك السبسي وعياله ملفات تُدينهم…
——– الثورة كالحبيبة؛ لا تحتملان ديوثا بل عاشقا.