حبيب بوعجيلة لم تخسرك الثورة ولم يربحك الحراك
فوزي الطلحاوي
لا ادري ما الذي دها الأستاذ حبيب بوعجيلة ليحشر أنفه في ما لا يعنيه من مشاكسات بين أنصار حركة النهضة وانصار حركة الشعب حول تصريحات زهيّر المغزاويّ، والحال أنّ الوضع الذي يمرّ به حراك تونس الإرادة أولى بذكاء بوعجيلة من تلك “المخالب الصغيرة” او “الماكينة الحمقاء”…
ايدرك حبيب بوعجيلة أنّ الحريّة بالقانون مكفولة للأذكياء أمثاله وللحمقى “أمثالي”، لأتساءل ما الذي دهاه لمهاجمة الحمقى والتحرّش بهم، والحال أنّ دوره قد لا يتعدّى تحجيم مساحة الحمق وصناعة أذكياء يضاهونه فطنة ودهاء وتمرّسا.
وبما أنّ “الذّكاء أكثر الأشياء قسمة بين النّاس” كما ذهب إلى ذلك ديكارت، كان على سي الحبيب أن يتخفّف من معجم تقزيم الآخرين وتحقيرهم وأن يتواضع قليلا ويعود سنوات إلى الوراء ليقيّم تجربته الذاتيّة سواء مع وسائل الإعلام او من خلال حضوره في بلاتوات التلفزة او في اسلوبه المتشنّح وخطاب “السفسطة” اللّذين كانا ملازمين لخطاباته التحليله، ليستنتج افضال الحريّة عليه وعلينا، إذ حرّرتنا الحريّة من تعثّرنا وارتباكنا وأعادت للحرف بهجته وللعبارة طلاوتها، فهل نستكثر على الآخرين الحريّة في التعبير والفهم والجدل والمواجهة حتّى يسمهم سي الحبيب بالغباء ؟؟؟، ألم يدرك ذلك المحلّل السياسيّ الكبير أنّ مِنْ هؤلاء الأغبياء الذين وثقوا بك في يوم ما واعتبروك فتى من فتيان ثورتهم، ولم يدر بخلدهم أن تقف إلى جانب مجرم سفّاح مثل الأسد ولو بتبرير جرائمه ؟؟؟، نعم قد نكون حمقى، لأنّه لم يدر بخلدنا ان تكون إلى جانب “سيّد المقاومة”، وهو يقتّل السوريين ويفاوض الدّواعش وينقلهم بحاملات مليشياته إلى الرقّة وغيرها، نحن، من الغباء بمكان لأنّنا لم نتصوّر ان تصف الثورة السوريّة المكلومة والمغدورة والتي نهشت لحمها ذئاب الإقليم وفي مقدّمتها سيّدك نصر الله بـ “المظفّرة” بين علامتي تنصيص، بينما نراها مظفّرة بلا علامتي تنصيص، إيمانا منّا أنّ ذلك النظام الذي تمسكه إيران وروسيا قد لفظ أنفاسه وانتهى وأنّ البحث جار عن أسلوب للإعلان عن ذلك، مثلما كان يؤمن رئيسك في الحراك ذات 2006 أنّ نظام ابن علي لا يصلُح ولا يُصْلَحُ، إضافة إلى أنّ الحمقى والأغبياء امثالي والذين لم تحقّق كينونتهم إلا الحريّة يعتقدون جازمين في حقّ الشعوب في الحريّة وتقرير مصيرها، مهما تكالبت عليها القوى الامبريالية واصحاب المصالح والنفوذ، لقد علّمنا شبابنا الثائر في سيدي بوزيد والقصرين وقفصة… أنّ إرادة الشعوب من إرادة الله، وأن نكون مع الشعوب مظلومين وظالمين، دون مخاتلة او سفسطة او مواربة…
لا اعتقد، يا سي بوعجيلة، أنّك المحامي المناسب “للمتّهم” المناسب، فلحركة الشعب محاموها، فهي في غنى عنك لاعتقادي أنّك تبحث عن فتات لم تحصل عليه في حراكك الذي اراه اولى بنفحات خطابك وحجج دفاعك، فالذي جرّك لدائرة غير دائرتك سوء تقدير ليس غريبا عنك ولعلّ أخطاء تعدية حروف الجرّ التي ترتكبها عامل من عوامل عبقريّة الفهم عندك وقف دونها الأغبياء امثالنا بما انّهم في تقديرك وتقدير اسلوبك المتواضع والمشوّش “ضراطيون” ومن هذه الأخطاء قولك: (دفاعا على، والصّواب (عن) / نهشت في ونهش متعدّ دون حرف جرّ تعديتك انت على أفهام غيرك / مسؤولين على، والصّواب (مسؤولين عن)… فما انحيازك المفضوح للمستبدّين إلا فاضحك، فأنت عَيِيٌّ عن إفهامنا القصّة الحقيقيّة لتصريحات “موكّلك” المغزاوي لأنّنا، رغم غبائنا أفهم من فهمك، لنحدّد إن كان زهيّر هدفا جيّدا أم لا وإن كنّا أغبياء بما يكفي ام لا ؟
لا اعتقد ان لبوعجيلة الجراة الكافية ليعبّر عن موقفه دون مواربة ومخاتلة مثل “هذا المخلب الصغير” كاتب هذه الكلمات في أنّه مع الثورة السوريّة غالبة او مغلوبة ومع المقاومة مظلومة لا ظالمة، ومع حزب الله ضدّ إسرائيل لا ضدّ حقّ السوريين في تقرير مصيرهم “فسماحة السيّد” ليس وصيّا إلا على أشياعه والسوريون ليسوا من أشياعه. واعتقد جازما أنّ ارتباك مواقفك وتناقضها قد دفعاك للتشنّج، وما تشنّج خطابك وضياع بوصلتك إلا دليل على ما نقول، فما الذي دهاك يا بوعجيلة ؟؟؟
ختاما لستَ وصيّا على الحمقى صغيرِهم وكبيرِهم، في الوقت الذي انت احوح فيه للتخلّص من السفسطة وإنشاد الفهم والإفهام، فجلّ تراكيبك ركيك كقولك: “يهمّني ان يكونوا مسؤولين على صناعة إيجابية للرأي العام” عوض “مسؤولين عن صناعة راي عامّ إيجابيّة” وتعابيرك اغلبها سمج، ولغتك بعضها رديء… فلا تتّهم غيرك بما هو فيك، سؤال اخير: هل يعتبر سي الحبيب نفسه من أصحاب الأفهام الكبيرة أم من أصحاب الأفهام الصغيرة ؟؟؟