على هامش قليل السياسة الذي تبقّى للتونسيين
عبد الرزاق الحاج مسعود
هل يوجد طرف مدني حقيقي في تونس ؟
……
إذا سلمنا بتعريف بسيط للـ”مدنية” على أنها قناعة عقلانية في أن حقوق الإنسان المضمنة في المواثيق الدولية هي ذروة التجربة الفكرية/السياسية الإنسانية الطويلة، وهي قاعدة الاجتماع السياسي المدني الحديث، نستطيع الجزم بأن لا وجود لطرف مدني حقيقي في تونس. (نتحدث عن القناعة الدنيا، لأن التطبيق الإطلاقي للمفهوم سيكشف لنا زيف أو على الأقل نقص مدنية كل المنظومات السياسية السائدة في العالم اليوم).
• “الحداثيون” المنتمون فعلا لتيار العقلانية والمدنية مستعدّون للتضحية بالديمقراطية التي تتيح للشعب الاختيار الحر لحكامه، وبكل حقوق الإنسان الخاصة والهامة لأن بنية الثقافة المحلية المحافظة لا تثق فيهم وتتهمهم بالتغريب والانبتات عن جذورهم الثقافية.
لذلك ييأس “الحداثيون” من الشعب والعامة ولا يتصورون إمكانية حكمهم خارج شروط الاستبداد والتحديث القسري في انتظار أن يتأهل الشعب للحكم المدني. وهنا يتساوى الليبراليون باليسار.. وبالقوميين الذين يقيمون في منطقة الشبه الشبه ويبررون “انقلابيتهم” بأن لا مهمة للشعوب والجيوش والأنظمة العربية سوى استرجاع الأرض المحتلة.. وبعدها تبدأ الحياة.
• “الإسلاميون” بكل أطيافهم يشتركون في فكرة مرجعية واحدة تقول بعلوية الحقيقة “الدينية” (كما صاغتها التأويلية الفقهية التمامية المغلقة التي صاغت نهائيا نفسية وذهنية الشعب التونسي) على أي فكرة مصدرها إنساني. وكل محاولات أنسنة الدين بفتح كوة صغيرة لتأويلية جديدة تقوم على فكرة أن الإنسان هو غاية الدين وأنه بحركته في الحياة يصنع الحقيقة الدينية ويفتحها على لانهائية تجربته الإنسانية المحكومة بالحرية… كل المحاولات فشلت وتمخضت عن ردّة سلفية تراوح بين التوحّش الإجرامي والجمود المقيت.
البنية الذهنية والنفسية التي ينتجها التدين التونسي الهجين (بالمناسبة حتى مدعو الحداثة مصابون بلوثة التسلفن الخفيّ في لاوعيهم العميق) لا يمكن أن تنتج تيارا مدنيا يؤسس لاجتماع سياسي على قاعدة حقوق الإنسان ومحورها الحرية.
،،،،
البقية تفاصيل.