فهد شاهين
1. لايوجد في القرآن الكريم أو السنة النبوية ما يدعو لفتح البلدان بالقتال لنشر الاسلام فيها.
2. اصطدم المسلمون في العهد النبوي بالدولة البيزنطية في مؤتة صدام ثار لمقتل رسول رسول الله اما معركة تبوك التي تجهز لها المسلمون فهي في سببها معركة صدام ودفاع عسكري (لم يحدث اصلا) كنتاج لتهديد روماني لاستئصال الدول المسلمة الفتية.
3. الفتوحات في العهد الراشدي (في عهد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان) هي أيضا فتوحات صدام عسكري حتمي بين دولة مسلمة فتية ناشئة وبين دول عظمي تترصد بها لاستئصالها..
4. لذلك حافظ المسلمون في العهد الراشدي على صدام عسكري فحسب… حيث أن قوة مسلمة مقاتلة عمدت وعملت على ضرب القوة العسكرية المقاتلة لدولتي الفرس والروم فقط.
5. لم يسجل التاريخ ولو حادثة واحدة في فتوحات العهد الراشدي على صدام عسكري بين الجيش الاسلامي وبين قوات غير عسكرية سواء في جبهتي الروم او الفرس.
6. من ذلك ان الناس بل عامة الناس في الشام والعراق وبلاد فارس وكل البلاد التي باتت في حوزة المسلمين تركوا على دينهم ولم يسجل اي حالة اجبار على اعتناق الاسلام سواء جماعي او حتى فردي.
7. نلاحظ فرادة الفتح الراشدي انه لم يكن إلغائئ او استئصالي سواء في البعد الثقافي او التراثي.. فممتلكات هذه الامبراطوريات بقيت كما هي شاهدة عليها سواء في العراق او مصر او الشام حيث تشاهد لليوم الاهرامات في مصر والاثار الرومانيه في عموم بلاد الشام.
8. ايضا فقط اكتفى الراشدون في فتوحاتهم بعد ضرب القوة العسكرية الرومانية والفارسية بالاستيلاء على اموال هذه الامبراطوريات التي جمعت ظلما من عامة الناس وقدم الفاروق عمر بن الخطاب مثلا تاريخيا غير مسبوق في اعادة هذه الاموال وتوزيعها على فقراء المسلمين وغير المسلمين على حد سواء.
9. هنا لم نسجل حالة فتح او غزو او احتلال لارض جديدة بمعالم غير مسبوقة… فالضرائب على الناس باتت ارحم بل اقل بنسب تصل للعشر.. اما خزينة بيت مال المسلمين فكانت دوما فارغة بسبب الصرف على الرعية بعد ان كانت تمتلىء بعائدات خزائن قياصرة الروم والفرس.
10. ايضا خص المسلمون انفسهم بميزة نادرة في التاريخ تتمثل في استقطاب الشعوب الجديدة.. فما ان تفتح ارض ما حتى ينضم اهلها لجيش الفاتحين قبل ان يسلموا ويقاتلوا مع الجيش الاسلامي لفتح البلدان الاخرى.. حدث ذلك في بلاد الشام.. وحدث في مصر ان اهلها كانوا بعد اسلامهم هم من شارك في فتح افريقيا (تونس والجزائر) وبرير المغرب هم من فتح الاندلس في جيش ابن نصير ايضا بعد ان اسلموا اما عرب العراق فكانوا هم نواة جيش الفتح في العهد الاموي لبلاد ما رواء النهرين وبلاد السند.
11. في العهد الاموي كانت الفتوحات تقوم على اساس السيطرة والاستيلاء على بلدان جديدة بهدف التوسع الامبراطوري الذي يحقق مكاسب مادية للسلطة الحاكمة (البيت الاموي).
12. هنا نلاحظ ان موجتان رئيسيتان من الفتح قد تحققتا.. الاولى في عهد معاوية والثانية في عهد الوليد بن عبد الملك وهشام الذي استكمل ما بداه الوليد.
13. اما المرحلة الاولى في عهد معاوية فقد كانت استحقاقا عسكريا للاضطراب السياسي والديني الذي وقع بعد انتزاع السلطة من الخليفة علي ابن ابي طالب.
14. من ذلك ان عمرو بن العاص وغيره اشار على معاوية بان يثبت حكم دولته في تجييش الجيوش لفتح البلدان في شرق البلاد وغربها فتحقق له من ذلك الشرعية الجهادية والسياسية لاستمراه في الحكم وطاعة الناس له.
15. نلاحظ ان نفس الامر قد تكرر في الموجة الاموية الثانية من الفتوحات فقد استكمل في عهد الوليد بن عبد الملك فتح المغرب والاندلس وشرق اسيا كنتيجة لحاله الاضطراب الداخلي الذي وقعت به الدولة الاموية في عهد عبد الملك بن مروان خاصة بعد مقتل ابن الزبير في مكة.
16. لم يحتاج العباسيين لشرعية سياسية او دينية. لذلك لم يستكملوا الفتح فقد كانت شرعيتهم متحققة باعتبار انهم ثوار على ظلم بني امية.. بل استمدوا شرعيتهم بما اسسوه ودعموه من نقاش فكري وسياسي وثقافي في عموم الدولة وتقريب الشعراء والفقهاء في قصورهم.
17. العهد السلجوقي يمكن اعتباره العهد الوحيد الذي وقعت فيه فتوحات في الارض البيزنطية في العهد العباسي.. لذلك ورث عنهم الزنكيين والايوبيين ومن بعد المماليك روح الجهاد والقتال فكان لهم الشرف الاكبر في صد اكبر حملة اوروبية رومانية صليبية ضد العالم الاسلامي.
18. الفتوحات العثماينة في اوروبا كانت بلا معنى.. فهي كانت بالمجمل ضربا للقوة الارثوذكسية الضعيفة.. بينما القوية الحقيقية (الكاثوليكية) كانت تضرب في العمق الاسلامي في عشرات المواقع والمجن الاسلامية بدءا من الاندلس فالمغرب وتونس والجزائر وليس انتهاء او حصرا في الهند والصومال وعدن.
19. وفي نفس الوقت كانت القوة الارثوذكسية الجديدة (الكنيسة الروسية) تاكل اطراف الدولة العثمانية من الجهة الشرقية.. أي من منطقة وسط اسيا.. مما افقد الدولة العثمانيه ربع ممتلكاتها.
20. يحسب للعثمانيين انهم دافعوا بشراسة عن البلاد العربية.. فلولا دماء مجاهدي الاناضول لكانت تونس مسيحية اسبانية ولكان مصير الجزائر مشابها لسبتة ومليلة في المغرب ولتكلم ابناء الشام والصومال واليمن الاسبانية والبرتغالية.