مسلمو الروهينجا.. ضحايا الاقليم والتاريخ و”الديمقراطية”
الحبيب بوعجيلة
(لمحة مقتضبة)
دولة ميانمار هي الاسم الجديد لدولة بورما رغم أن الاسم الجديد لم تعترف به دول عديدة. تقع بورما في منطقة شرق آسيا، وتحدُّها الصين من الجهة الشماليّة الشرقية، ومن الجهة الغربية تحدّها الهند وبنغلادش، ومن الجنوب تطلّ على خليج البنغال وبحر أندامان، أمّا من الجهة الشرقية فتحّدها لاوس وتايلند.
الروهينجا أقلية مسلمة في دولة ميانمار ذات الأغلبية البوذية. يزعم خصومهم أنهم ليسوا سكانا اصليين ويمارسون عليهم تمييزا عنصريا رهيبا. يسمون بشعب “روينجة” وتنحدر أصولهم من مسلمي الهند بما فيها بنغلاديش الحالية ومن الوافدين العرب والفرس المسلمين أثناء الفتوحات.
اقليم اراكان الذي يسكنه مسلمو ميانمار حاليا ضمته بريطانيا سنة 1826 و سهلت الهجرة اليه فانتقل اليه عدد كبير من مسلمي البنغال وأشرف عليه أثرياء من جنوب الهند على حساب الفلاحين البوذيين الفقراء من ذوي الأصل البورمي. وهو ما أنتج احساسا بالازدراء ضد مسلمي الروهينجا من الحكومة المركزية ومن البوذيين في نفس الوقت وذلك في سياق الخوف البوذي من المسلمين في تلك المنطقة.
مسلمو الروهينجا يعانون تحفظ دول الجوار عن استقبالهم فتايلاندا ترفض ذلك لاسباب دينية وبنغلاديش تعاني من كثافة سكانية ومصاعب اقتصادية ولكن موقف ماليزيا واندونيسيا يبقى غريبا في رفضهم استقبال الروهينجا وقد يعود ذلك الى رغبة البلدين في حل جذري داخل ميانمار نفسها تجنبا للفرز الديني وتنامي رغبات الانفصال في هذه الدول نفسها التي تضم اقليات بوذية.
الغريب أن وضع المسلمين الروهينجا تفاقم بعد التقلص الظاهري لنفوذ النظام العسكري وصعود “حكومة ديمقراطية” في مينمار. حيث استغل الرهبان البوذيون المتجمعون تحت مسمى حركة 969 “أجواء الديمقراطية” بماهي حكم الاغلبية ليقدموا كل المبررات “الأخلاقية” و”الدينية” لتصفية مسلمي الروهينجا الذين لا يمثلون في كامل بورما أكثر من 5 في المائة من مجموع السكان رغم كونهم يمثلون 90 في المائة في اقليم أراكان. ومنذ 2012 فر منهم أكثر من 140 ألف.
الرهبان البوذيون هم من قادوا “الحراك الديمقراطي” لتقليص نفوذ الاستبداد العسكري وكل الاطراف السياسية تخطب ودهم بحكم هيمنتهم على الأغلبية وحتى حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية وزعيمته أونغ سانغ سو تشي الحائزة على جائزة نوبل لن تتجرأ على استنكار التصفية العرقية للمسلمين حتى تضمن باستمرار نصيبها الانتخابي.
حزب الرابطة ينتمي لـ”يسار الوسط” وفاز بالأغلبية البرلمانية في انتخابات 1990 لكن الجيش رفض تسليمه الحكم، وظل الحزبَ المعارض الرئيسي ربعَ قرن. ونال أغلبية ساحقة في انتخابات 2015 التي “افتخر” فيها الحزب بتجنبه عمدا ترشيح أي مسلم على لوائحه لينال رضى الرهبان البوذيين.