شكري الجلاصي
البنك الدولي وصندوق النقد كانوا مطفين الضوء على بن علي وشالقين بيه لي هو يزوّر في بعض الأرقام وقدّموا شبه “إعتذار” حين حصلت الثورة.
نفس الممارسة مواصلة في إنتهاجها المؤسسات الدولية حتى بعد الثورة خدمة لمصالح المؤسسات العابرة للقارات والرغبة في مزيد فتح أسوار السوق والتبادل الحرّ الباحث عن حديقة خلفية لليد العاملة وكلفة الإنتاج الرخيصة.
المؤسسات هذي تعرف مثلا أن حجم العجز في الميزان التجاري المعلن رسميا من السلطات التونسية فيه مغالطة كبرى والرقم الحقيقي للعجز أكبر بكثير ممّا هو معلن عليه،
كيف ذلك و لماذا ؟
عجز الميزان التجاري المعلن يحتوي على مبادلات الشركات المقيمة والعمومية من جهة أو ما يسمى régime général والشركات الغير المقيمة régime offshore من جهة اخرى،
الغير مقيمة هي شركات تبقي أغلب أموال قيمة تصديرها خارج تونس وتقوم بخلاص وارداتها أيضا خارج تونس وهي شركات لا تخضع لنظام الصرف التونسي ومع ذلك تقوم وزارة المالية بإحتساب ذلك ضمن مبادلات الميزان التجاري.
في السبع أشهر الأولى مبادلات الشركات المقيمة حققت عجز بـ -14 مليار دينار.
والشركات الغير مقيمة على الورق الفارق بين وارداتها وصادراتها يساوي +5 مليار دينار والرقم هذا هو وهمي وكما قلت على الورق لأنّهم وبحكم الإمتياز الممنوح لهم لا يحولون تلك الأموال لتونس بل تبقى في الخارج.
كيف نجمعوا الزوز أرقام، العجز يهبط من -14 إلى -9 مليار دينار، وهو رقم مظلّل ومخادع للحقيقة ويخفي أهوال كبرى ويمنع من معالجة لبّ الموضوع ومراجعة كلية لمنوال التنمية والمنظومة الإقتصادية المتخلفة.
المفزع هنا أنّه صادرات الـ régime général تغطّي 25 % من حجم الواردات وهي كارثة كبرى ومؤشر خطير على السيادة الوطنية وتدهور قطاعات الصناعة والفلاحة.
لكن لمّا نضيف مبادلات الشركات الغير المقيمة يصبح حجم التغطية (الوهمي) في حدود الـ 68 %.
علاش يحبّوا يغطّوا الحقيقة يقول القائل ؟
لانه ببساطة مبادلات الشركات الغير المقيمة هي أغلبها مع الإتحاد الأوروبي وخاصة فرنسا وهنا مربط الفرس ?
لان الخوض في هذا الموضوع يفتح الباب على مصراعيه أمام فتح ملف مراجعة إتفاقية الشراكة مع أوروبا والأضرار التي ألحقتها بالإقتصاد الوطني، وهذا خطّ أحمر عند كل حكومات ما بعد الثورة الفاقدين لسيادة حقيقية على القرار الوطني رغم أنّ الإتفاقية نفسها في بندها الخامس والعشرون يوفّر الحماية لتونس في حالة حصول عجز في الميزان التجاري وذلك بتفعيل بنود الحماية.
كيف تجي تحكي مع مريدي صندوق النقد والبنك الدولي والإتحاد الأوروبي يقولولك لا راهو مبادلاتنا مع أوروبا تقريب متعادلة وما فيهاش عجز وهذا حسب الأرقام “الرسمية” ?
لا يا سيدي فيها عجز كبير وهو أكبر عجز ولكن المبادلات “الوهمية” للشركات الغير مقيمة هي التي تخفيه وتتعمّدون إخفاءه لكي لا تغضبون السفراء الأجانب (قالها مرة في الإذاعة وزير الصناعة في عهد مهدي جمعة).