الأحد 3 أغسطس 2025
محمد عبو
محمد عبو

التيار الديمقراطي والجبهة الشعبية وحركة الشعب

محمد عبو 

ليس في ثقافة التيار ولا في توجهاته معاداة من يختلف معه، ولا أن يجعل الخلافات القديمة ولا الحالية تعرقل مسار البلاد، التي ثبت بما لا يختلف فيه شخصان موضوعيان ولهما الحد الأدنى من النزاهة الفكرية، أن وضعها سيء وسيزداد سوءا بالسياسات المتبعة من الأغلبية الحاكمة. والأخطر هو أن وضع المجتمع يتغير وهذا جيد، ولكنه يتغير بشكل بطيء، قد لا يسمح في أفق سنة 2019 وفي ظل فساد المنظومة الحاكمة, بتشكل وعي كاف يحصن المجتمع من القدرة على توجيه الرأي العام بالسيطرة على وسائل الإعلام, ولا بتحصين جزء من المهمشين من الوقوع في إغراءات المال السياسي والوعود الزائفة, وعليه, فإن أي طرف تظهر عليه رغبة جادة في التصدي للممارسات التي ستغرق البلاد إن استمرت أو التي قد تجعل الناس ينقمون على الثورة والديمقراطية إن استمرت طويلا, يطرح كشريك في المعركة, إذا رآنا هو بدوره نحمل نفس الأهداف.

في مجلس نواب الشعب, وأمام الضعف العددي لنواب المعارضة, تشكلت كتلة بين نواب التيار والحراك والشعب ومستقلين, وحصل تنسيق مواقف مع الجبهة الشعبية في القضايا المشتركة, دون أن يعني ذلك البحث دائما عن توحيد المواقف في كل الحالات, وتكون وعي لدى نواب المعارضة بما في ذلك من لديهم تحفظات على قانون العدالة الانتقالية أو على هيئة الحقيقة والكرامة, بضرورة حماية مسار العدالة الانتقالية والتصدي لقانون العار المسمى بقانون المصالحة, الذي كان من شأنه لو مر أن يضرب قيمة العدالة وأن يديم العلاقة المشبوهة بين الفاسدين والسياسيين, هذا يمول, وذاك يحمي ويخدم المصالح.
بادرت الجبهة الشعبية مع حركة الشعب باقتراح توحيد المواقف مع التيار في خصوص الضغط لتحقيق شروط انتخابات نزيهة, وهذا لا يمكن رفضه, فالوطن وأحزابنا متضررون من ممارسات شراء الذمم وتوزيع المساعدات على المهمشين ليصوتوا للمسؤولين عن تهميشهم, ومتضررون من قدرة أحزاب الحكم على السيطرة على وسائل الإعلام كما حصل بين 2015 و 2016 من منع للمناوئين لمشروع قانون المصالح من الظهور, وهو منع يمكن أن يتكرر في أي لحظة لضعف الهايكا ولقدرة الأغلبية على وضع قانون على قياسها للهيئة الدستورية التي ستحل محلها, وفرض اختيار من لا قدرة لهم على الصرامة في تعديل المشهد السمعي البصري .

هذا يجمعنا بالجبهة وحركة الشعب, ويجمعنا أيضا بأحزاب أخرى يتحفظ بعضها على البعض الآخر, ونحن لا نتحفظ إلا على أحزاب الحكم وعلى أحزاب تريد أن تعود بنا إلى ماضي القهر والفساد. ولقد طرح عند التنسيق, الدخول في قائمات مشتركة, في بعض الدوائر ووافق على المقترح المجلس الوطني للتيار الذي فتح باب المشاركة في قائمات فيها الجبهة وحركة الشعب وقائمات أخرى يمكن أن تكون فيها أحزاب أخرى كالحراك , وفقا لقرار كل مكتب جهوي أو محلي على حدة .
الإيديولوجيات في تصوري تساهم في تكلس الأفكار ولا تعدو في رأيي أن تكون وسائل للتعبئة والاصطفاف في معسكرات , أكثر منها تصور عملي لطريقة الحكم وتسيير الدولة, وفي نهاية الأمر لن يطلب منا أحد تغيير أفكارنا ولا أن نأمل من الآخر أن يغير أفكاره .

التيار يرى أن بشار مجرم حرب ومجرم ضد الإنسانية, تماما كالتنظيمات التي تتصارع في سوريا, وكلهم مكانهم المحكمة الجنائية الدولية, ولا نشترط على أصدقاء لنا أن يتوقفوا عن اعتباره رمزا للممانعة أو ضحية مؤامرة دولية, فتوحيد المواقف مستحيل, وهو غير ضروري للعمل المشترك من أجل الضغط على الأغلبية لتوفير مناخ مناسب لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.

التيار الديمقراطي كان ضد اعتصام الرحيل وما حصل بعده بناء على تصور للشرعية وبناء على المعلومات المتوفرة لديه , التي لم يحصل ما يفندها, ولا ننتظر من أحد أن يغير رأيه في ما يراه من فوائد للاعتصام , وتوحيد المواقف في مجلس نواب الشعب تجاه القوانين المضرة بمصلحة البلاد لا يرتبط بحال بتوحيد القراءة لأحداث تاريخية.

التيار الديمقراطي, يرى أن السيد منصف المرزوقي, رغم مآخذ عليه, كان في انتخابات سنة 2014 أكثر أمانة واحترام للدستور وقدرة على تمثيل الدولة في الخارج من السيد الباجي قايد السبسي , ولا يعد هذا الموقف الذي مازلنا نصر عليه لما رأيناه من الرئيس الحالي , عائقا للمشاركة في بعض القائمات للانتخابات البلدية مع أحزاب لم تشاطرنا الرأي في الرئاسية ساعتها.
قد تتشكل قائمات مع الجبهة الشعبية وحركة الشعب في بعض الدوائر وقائمات في دوائر أخرى مع أحزاب أخرى , منها حراك تونس الإرادة, وقد لا تتشكل لعدم اقتناع القواعد, وقد تتراجع الجبهة لرفضها لمشاركتنا للحراك في بعض القائمات , وهذا قرار يعني هياكلها, لا شأن لنا بنقده إن حصل.
ما يهمنا هو أن من يسير البلديات هم القادرون على التضحية بوقتهم وحسن القيام بواجبهم وتوفر الحد الأدنى من الكفاءة لديهم , وأن يسيرها النزهاء الذين لا يطمعون ولا يرضخون أمام الإغراءات , والذين لا يعنيهم غضب المخالفين للتراتيب. وأخشى ما نخشاه أن تنزل السياسة المتبعة مركزيا الآن إلى المستوى المحلي ويصبح غض الطرف عن تطبيق القوانين وعدم الحياد وعدم التقيد بالقانون في إسداء الخدمات الإدارية وسيلة لنيل الرضا والتمويل والدعم السياسي , فتفسد البلديات كما فسدت السلطة المركزية, خاصة مع عدم تأهيل الإدارات البلدية وغياب أجهزة تفقد جهوية والتهميش المقصود لأجهزة التفقد المركزية.
تسعى صفحات وحسابات ندائية للضغط على الجبهة الشعبية ، وتسعى صفحات وحسابات نهضوية للتشكيك في الدداية فانتعى
ما لا يعرفه الكثيرون أني كنت في العشر سنوات السابقة للثورة من أكبر الساعين لتوحيد المعارضة, ضد نظام الاستبداد رغم تناقضاتها, وباءت كل المحاولات بالفشل طبعا لرفض تشريك النهضة, سوى تجربة واحدة هي تجربة 18 أكتوبر التي استمرت إلى صائفة سنة 2010, كانت تجربة فريدة من نوعها في العالم العربي ، عجزت كل النخب العربية على الإتيان بمثلها. أذكر من هذه التجربة أن حمة الهمامي وزياد الدولاتلي كانا الأكثر إصرارا بيننا على الحفاظ على الدولاتلي كانا الأكثر إصرارا بيننا. وأذكر أني في لقاء بالشهيد شكري بلعيد اقترحت عليه توحيد المواقف بين الجميع في انتخابات المحامين, فرفض مؤكدا على أنه لا يقبل بالتحالف مع الإسلاميين كما يرفض التحالف مع الدساترة, ولكنه أكد لي أنه لا يحركه حقد.
أقول هذا لمناضلي الجبهة ولا يفوتني أن أعرج على قيادات النهضة وقواعدها التي تتحرك بإذنها.
ليقلص الجميع من منسوب الحقد. من ارتكب جرائم ، نطالب بمحاكمته بقطع النظر عن انتمائه ، ومن ارتكب أخطاء سياسية نحاول التجاوز معه. للنهضويين الذين يريدون منا الحقد على الجبهة ، لو كنا في التيار لنعادي أحدا أو لنحقد عليه ، لما اخترنان ير. بقطع النظر عن مواقف مزدوجة تبديها كحركة وبقطع النظر عن بعض القياديين الذين لا أتصور تورطهم , هذه الحركة, كانت منذ تأسيس التيار الأكثر معاداة لنا: بعض أو أحد القياديين يحرك, وجزء من القواعد تنفذ وصفحات مأجورة يدفع لها من مال الحركة تنافس أحيانا عن جدارة موقع بالمكشوف التابع للداخلية في عهد المخلوع ، وفي هذا هي رقم واحد في معاداة التيار.
والحقيقة أن هذا الأمر ابتدأ قبل حتى تأسيس التيار الديمقراطي ، وحتى وأنا معهم في الترويكا أتضامن مخدام فني العلالامنخدام في العليا. يكفي أن أذكر أنهم بعد تسريبهم لنقاشات داخلية بيننا اضطررت لإعلان أننا نطالب بتغيير أحد الوزراء لخطأ في التصرف ارتكبه, لم أكن وراء نشر الخبر, ولا وراء تعهد القضاء به, لاعتبارات قانونية بينتها ساعتها, وقيادتهم أعلمتنا أنها تعرف بوسائلها الجهة التي سربت, ورغم ذلك فإنها تحرك قواعدها لتقنعهم بأننا نتآمر عليها, ولم تعلمهم يوما بالحقيقة, لكونها ربما تعتبر أن الأخطر عليها ليس الذي يريد إقصاءها ولو بإسقاط السقف على رؤوس الجميع, ولكن الذي ينتقد أخطاءها بجدية وبموضوعية ..
لم يبق في الرأس شعر يمكن تمزيقه غضبا, ولكن بقي عقل يعرف أن الحقد لا يبني وأن هناك شعرة لا ينبغي قطعها مع أي طرف, وعليهم أن يحرصوا معنا على أن تزول مظاهر التخلف من انتخاباتنا المقبلة, إن فعلوا شكرناهم, وإن واصلوا شراء الذمم قبل الانتخابات أو أفسدوا المجالس البلدية ، فإننا قادمون بعزم لا يكل ، وبكل تؤدة ، معولين.


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

نور الدين الختروشي

حكومة الثورة: حد الحقيقة وحدود الوهم

نور الدين الختروشي ينتظر التونسيون بفارغ صبر تشكيل حكومة الوزير الأول المفوض فبعد ماراطون المفاوضات …

عمار جماعي

بمناسبة الذكرى التّاسعة لانطلاقة الثورة المجيدة: “يزّي من الترهدين !”

الخال عمار جماعي كنت أعلم تقريبا كواليس المفاوضات “الموازية” للوصول إلى مربّعات الاتّفاق بين الفرقاء …

اترك تعليق