الإجتهاد والفهم الخطأ…
بلغيث عون
هل نجتهد في قطعي الورود قطعي الدلالة؟ بلى وكل القرآن من أعلى العقائد إلى أبسط المعاملات مرورا بجميع العبادات، كلها موضوع اجتهاد وتفكير وتدبر (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا – سورة محمد). وهذا معناه برأيي أن من يمر على آية الميراث وكل الآيات القطعية دون تدبر وإعمال للعقل مقفل قلبه بصريح القرآن.
ثمة فقط فكرة خاطئة عن الإجتهاد مفادها أن الإجتهاد يعني تغيير النص المدروس على مقاس النموذج-الحقيقة. لكن المعنى الخالص للإجتهاد لا يتضمن معنى التغيير إلا احتمالا ولا يمكن بالمرة أن نماهي الإجتهاد بتغيير النص. الإجتهاد فقط إعمال العقل في موضوع ما مقابل (ما ليس اجتهادا) قبول موضوع ما كما هو وتحريم التفكير فيه. هكذا فالإجتهاد هو أيضا قبول النص طوعا وعن وعي كامل وبعد تفكر وتدبر وإعمال العقل في سبيل الحفاظ عليه هو نفسه في وضع تاريخي مختلف. لا شيء في المفهوم الخالص للإجتهاد يعارض هذا الإختيار.
لماذا إذن يغلب الرأي القائل بأن الإجتهاد تغيير للنص؟
ببساطة لأن العقلانية الحديثة اللادينية (ذات الفهم المحدد للمساواة بين الرجل والمرأة وللحرية..) هي المهيمنة ثقافيا وحضاريا وسياسيا وإعلاميا وحتى اقتصاديا (أعني تفرض فهمها للعالم بالتهديد المالي وقطع الإمدادات). لا أرى بالمرة أن السبب هو كون تغيير النص، المساواة في الإرث مثلا اجتهاد “أسلم علميا وإنسانيا” بل فقط هو “الأغلب حضاريا والأرفع صوتا” لا غير.